يربوع واليا من قبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولما بلغته وفاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمسك عن أخذ الصدقة من قومه وقال لهم: تربصوا بها حتى يقوم قائم بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، وننظر ما يكون من أمره وقد صرح بذلك في شعره حيث يقول:
وقال رجال سدد اليوم مالك * وقال رجال مالك لم يسدد فقلت: دعوني لا أبا لأبيكم * فلم أخط رأيا في المقام ولا الندى وقلت: خذوا أموالكم غير خائف * ولا ناظر فيما يجئ به غدي فدونكموها إنما هي مالكم * مصورة أخلاقها لم تجدد سأجعل نفسي دون ما تحذرونه * وأرهنكم يوما بما قلته يدي فإن قام بالامر المجدد قائم * أطعنا وقلنا: الدين دين محمد.
فصرح كما ترى أنه استبقى الصدقة في أيدي قومه رفقا بهم وتقربا إليهم، إلى أن يقوم بالامر من يدفع ذلك إليه. وقد روى جماعة من أهل السير، وذكره الطبري في تاريخه، أن مالكا نهى قومه عن الاجتماع على منع الصدقات وفرقهم، وقال يا بنى يربوع، إنا كنا قد عصينا أمراءنا إذ دعونا إلى هذا الدين وبطأنا الناس عنه، فلم نفلح ولم ننجح، وإني قد نظرت في هذا الامر فوجدت الامر يتأتى لهؤلاء القوم بغير سياسة، وإذا أمر لا يسوسه الناس فإياكم ومعاداة قوم يصنع لهم فتفرقوا على ذلك إلى أموالهم، ورجع مالك إلى منزله، فلما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الاسلام وان يأتوه بكل من لم يجب، وأمرهم إن امتنع أن يقاتلوه، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر من بنى يربوع، واختلف السرية في أمرهم، وفى السرية أبو قتادة الحارث بن ربعي، فكان ممن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا، فلما اختلفوا فيهم