استوى الأمران. وبعد، فأي فرق بين أن يصلى خلفه وبين أن يوليه ويقدمه، ونحن نعلم أن صلاته خلفه إقرار لولايته ورضا بها، فقد عاد الامر إلى أن عبد الرحمن كأنه قد صلى بأمره وإذنه! على أن قصه عبد الرحمن أوكد، لأنه قد اعترف بأن الرسول صلى خلفه، ولم يصل خلف أبى بكر، وإن ذهب كثير من الناس إلى أنه قدمه وأمر بالصلاة قبل خروجه إلى المسجد وتحامله.
ثم سأل المرتضى رحمه الله نفسه، فقال: إن قيل: ليس يخلو النبي (صلى الله عليه وآله) من أن يكون سلم في الابتداء سورة براءة إلى أبى بكر بأمر الله أو باجتهاده ورأيه فإن كان بأمر الله تعالى، فكيف يجوز أن يرتجع منه السورة قبل وقت الأداء، وعندكم أنه لا يجوز نسخ الشئ قبل تقضى وقت فعله! وإن كان باجتهاده (صلى الله عليه وآله)، فعندكم أنه لا يجوز أن يجتهد فيما يجرى هذا المجرى!
وأجاب فقال: إنه ما سلم السورة إلى أبى بكر إلا بإذنه تعالى، إلا أنه لم يأمره بأدائها، ولا كلفه قراءتها على أهل الموسم لان أحدا لم يمكنه أن ينقل عنه عليه السلام في ذلك لفظ الامر والتكليف، فكأنه سلم سورة براءة (عليه السلام) إليه لتقرأ على أهل الموسم، ولم يصرح بذكر القارئ المبلغ لها في الحال، ولو نقل عنه تصريح لجاز أن يكون مشروطا بشرط لم يظهر.
فإن قيل: فأي فائدة في دفع السورة إلى أبى بكر وهو لا يريد أن يؤديها ثم ارتجاعها منه؟ وهلا دفعت في الابتداء إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
قيل: الفائدة في ذلك ظهور فضل أمير المؤمنين (عليه السلام) ومرتبته، وأن الرجل الذي نزعت السورة عنه لا يصلح لما يصلح له، وهذا غرض قوى في وقوع الامر على ما وقع عليه (1)