بايعت أبا بكر وأتيته بصدقات قومي خلفني فيهم فساءني عندهم، وأن رددتها عليهم فليأتين أبا بكر فيسوءني عنده، ثم عزم قيس على قسمتها في مقاعس والبطون، ففعل وعزم الزبرقان على الوفاء، فأتبع صفوان بصدقات عوف والرباب حتى قدم بها المدينة وقال شعرا يعرض فيه بقيس بن عاصم، ومن جملته:
وفيت بأذواد الرسول وقد أبت * سعاة فلم يردد بعيرا أميرها.
فلما أرسل أبو بكر إلى قيس العلاء بن الحضرمي أخرج الصدقة، فأتاه بها وقدم معه إلى المدينة (1).
وفي تاريخ أبى جعفر الطبري من هذا الكثير الواسع، وكذلك في تاريخ غيره من التواريخ، وهذا أمر معلوم باضطرار، لا يجوز لأحد أن يخالف فيه.
فأما قوله: كيف يصح ذلك، وقد قال لهم أبو بكر، إذا أذنوا وأقاموا كأذانكم وإقامتكم، فكفوا عنهم، فجعل أمارة الاسلام والبراءة من الردة الأذان والإقامة، فإنه قد أسقط بعض الخبر، قال أبو جعفر الطبري في كتابه: كانت وصيته لهم: إذا نزلتم فأذنوا وأقيموا فإن أذن القوم وأقاموا فكفوا عنهم، فإن لم يفعلوا فلا شئ إلا الغارة، ثم اقتلوهم كل قتله الحرق فما سواه، وإن أجابوا داعية الاسلام فاسألوهم، فإن أقروا بالزكاة فاقبلوا منهم، وإن أبوا فلا شئ إلا الغارة ولا كلمة (2).
فأما قوله: وكيف يطلق قاضي القضاة في سائر أهل الردة ما أطلقه من أنهم كانوا يصلون ومن جملتهم أصحاب مسيلمة وطلحة! فإنما أراد قاضي القضاة بأهل الردة هاهنا مانعي الزكاة لا غير، ولم يرد من جحد الاسلام بالكلية.
فأما قصة مالك بن نويرة وخالد بن الوليد فإنها مشتبهة عندي، ولا غرو فقد اشتهت على الصحابة، وذلك أن من حضرها من العرب اختلفوا في حال القوم: هل كان