واسترجع ما وجد عند المسلمين من أموالهم وأولادهم ونسائهم، فرد ذلك عليهم جميعا مع نصيبه كان منهم. وقيل: إنه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق، وبعضهن حوامل، فردهن على أزواجهن. فالامر ظاهر في خطأ خالد. وخطأ من تجاوز عنه. وقول صاحب الكتاب: إنه يجوز أن يخفى عن عمر ما يظهر لأبي بكر ليس بشئ لان الامر في قصة خالد لم يكن مشتبها، بل كان مشاهدا معلوما لكل من حضره، وما تأول به في القتل لا يعذر لأجله، وما رأينا أبا بكر حكم فيه بحكم المتأول ولا غيره، ولا تلافى خطأه وزلله، وكونه سيفا من سيوف الله على ما ادعاه لا يسقط عنه الاحكام، ويبرئه من الآثام، وأما قول متمم: لو قتل أخي على ما قتل عليه أخوك لما رثيته، لا يدل على أنه كان مرتدا، فكيف يظن عاقل أن متمما يعترف بردة أخيه وهو يطالب أبا بكر بدمه والاقتصاص من قاتليه، ورد سبيه، وأنه أراد في الجملة التقرب إلى عمر بتقريظ أخيه!
ثم لو كان ظاهر هذا القول كباطنه لكان إنما يقصد تفضيل قتلة زيد على قتلة مالك، والحال في ذلك أظهر، لان زيدا قتل في بعث المسلمين ذابا عن وجوههم، ومالك قتل على شبهة وبين الامرين فرق.
وأما قوله في النبي (صلى الله عليه وآله): " صاحبك " فقد قال أهل العلم: إنه أراد القرشية لان خالدا قرشي. وبعد، فليس في ظاهر إضافته إليه دلالة على نفيه له عن نفسه، ولو كان علم من مقصده الاستخفاف والإهانة على ما ادعاه صاحب الكتاب لوجب أن يعتذر خالد بذلك عند أبي بكر وعمر ويعتذر به أبو بكر لما طالبه عمر بقتله، فإن عمر ما كان يمنع من قتل قادح في نبوة النبي (صلى الله عليه وآله)، وإن كان الامر على ذلك فأي معنى لقول أبى بكر: تأول فأخطأ! وإنما تأول فأصاب إن كان الامر على ما ذكر (1).