ذلك فهذا لعمري جائز، وقد يمكن أن يقال إنه لما خرج متحاملا من شده المرض فتأخر أبو بكر عن مقامه، وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس، أمره بالنفوذ مع الجيش، وأسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أثناء ذلك اليوم، واستمر أبو بكر على الصلاة بالناس، إلى أن توفى (عليه السلام)، فقد جاء في الحديث أنه أسكت، وأن أسامة دخل عليه فلم يستطع كلامه لكنه كان يرفع يديه ويضعهما (1) عليه كالداعي له.
ويمكن أن يكون زمان هذه السكتة قد امتد يوما أو يومين، وهذا الموضع من المواضع المشتبهة عندي ومنها قول قاضي القضاة: إن الامر على التراخي، فلا يلزم من تأخر أبى بكر عن النفوذ أن يكون عاصيا.
فأما قول المرتضى: الامر على الفور إما لغة عند من قال به، أو شرعا لاجماع الكل على أن الأوامر الشرعية على الفور إلا ما خرج بالدليل، فالظاهر في هذا الموضع صحة ما قاله المرتضى، لان قرائن الأحوال عند من يقرأ السير ويعرف التواريخ تدل على أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يحثهم على الخروج والمسير، وهذا هو الفور.
وأما قول المرتضى وقول أسامة: لم أكن لأسأل عنك الركب، فهو أوضح دليل على أنه عقل من الامر الفور، لان سؤال الركب عنه بعد الوفاة لا معنى له. فلقائل أن يقول:
إن ذلك لا يدل على الفور، بل يدل على أنه مأمور في الجملة بالنفوذ والمسير، فإن التعجيل والتأخير (2) مفوضان إلى رأيه، فلما قال له النبي (صلى الله عليه وآله): لم تأخرت عن المسير؟ قال: لم أكن لأسير وأسأل عنك الركب، إني انتظرت عافيتك فإني إذا سرت وأنت على هذه الحال لم يكن لي قلب للجهاد، بل أكون قلقا شديد الجزع أسأل