عنك الركبان، وهذا الكلام لا يدل على أنه عقل من الامر الفور لا محالة، بل هو على أن يدل على التراخي أظهر، وقول النبي (صلى الله عليه وآله): " لم تأخرت عن المسير؟ " لا يدل على الفور، لأنه قد يقال مثل ذلك لمن يؤمر بالشئ على جهة التراخي إذا لم يكن سؤال إنكار.
وقول المرتضى: لان سؤال الركب عنه بعد الوفاة لا معنى له، قول من قد توهم على قاضي القضاة أنه يقول: " إن النبي (صلى الله عليه وآله) ما أمرهم بالنفوذ إلا بعد وفاته، ولم يقل قاضي القضاة ذلك، وإنما ادعى أن الامر على التراخي لا غير، وكيف يظن بقاضي القضاة أنه حمل كلام أسامة على سؤال الركب بعد الموت! وهل كان أسامة يعلم الغيب فيقول ذاك! وهل سأل أحد عن حال أحد من المرضى بعد موته!
فأما قول المرتضى عقيب هذا الكلام: لا معنى لقول قاضي القضاة إنه لم ينكر على أسامة تأخره، فإن الانكار قد وقع بتكرار الامر حالا بعد حال، فلقائل أن يقول:
إن قاضي القضاة لم يجعل عدم الانكار على أسامة حجه على كون الامر على التراخي، وإنما جعل ذلك دليلا على أن الامر كان مشروطا بالمصلحة ومن تأمل كلام قاضي القضاة الذي حكاه عنه المرتضى تحقق ذلك، فلا يجوز للمرتضى أن ينتزعه من الوضع الذي أورده فيه، فيجعله في موضع آخر.
ومنها قول قاضي القضاة: الامر بتنفيذ الجيش يجب أن يكون متوجها إلى الخليفة بعده، والمخاطب لا يدخل تحت الخطاب، واعتراض المرتضى عليه بأن لفظة " الجيش " يدخل تحتها " أبو بكر " فلا بد من وجوب النفوذ عليه، لأن عدم نفوذه يسلب الجماعة اسم " الجيش " فليس بجيد، لان لفظة " الجيش " لفظة موضوعة لجماعة من الناس قد أعدت للحرب، فإذا خرج منها واحد أو اثنان لم يزل مسمى الجيش عن الباقين، والمرتضى