وسوسته، وأكلهما من الشجرة فكيف يقول المرتضى: ليس قول أبى بكر بمنزله من وسوس له الشيطان فلم يطعه! وكذلك قوله تعالى في قصة موسى لما قتل القبطي: (هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين)، وكذلك قوله: (فأزلهما الشيطان عنها)، وقوله: (ألقى الشيطان في أمنيته)، وما ذهب إليه المرتضى من التأويلات مبنى على مذهبه في العصمة الكلية، وهو مذهب يحتاج في نصرته إلى تكلف شديد وتعسف عظيم في تأويل الآيات، على أنه إذا سلم أن الشيطان ألقى في تلاوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ما ليس من القرآن حتى ظنه السامعون كلاما من كلام الرسول، فقد نقض دلالة التنفير المقتضية عنده في العصمة لأنه لا تنفير عنده أبلغ من تمكين الله الشيطان أن يخلط كلامه بكلامه، ورسوله يؤديه إلى المكلفين حتى يعتقد السامعون كلهم أن الكلامين كلام واحد.
وأما قوله: إن آدم كان مندوبا إلى ألا يأكل من الشجرة لا محرم عليه أكلها، ولفظة " عصى " إنما المراد بها خالف المندوب (1)، ولفظة " غوى "، إنما المراد " خاب:
من حيث لم يستحق الثواب على اعتماد ما ندب إليه، فقول يدفعه ظاهر الآية لان الصيغة صيغة النهي، وهي قوله: (ولا تقربا هذه الشجرة) والنهى عند المرتضى يقتضى التحريم لا محالة، وليس الامر الذي قد يراد به الندب، وقد يراد به الوجوب.
وأما قول شيخنا أبى على: إن كلام أبى بكر خرج مخرج الاشفاق والحذر من المعصية عند الغضب فجيد.
واعتراض المرتضى عليه بأنه ليس ظاهر اللفظ ذاك غير لازم، لأن هذه عادة العرب، يعبرون عن الامر بما هو منه بسبب وسبيل، كقولهم: لا تدن من الأسد فيأكلك، فليس أنهم قطعوا على الاكل عند الدنو، وإنما المراد الحذر والخوف والتوقع للاكل عند الدنو.
.