في غير هذا القول مندوحة ولكان يقول: إني ما أكرهتكم ولا حملتكم على مبايعتي وما كنت أبالي ألا يكون هذا الامر في ولا إلى، وإن مفارقته لتسرني لولا ما ألزمنيه الدخول فيه من التمسك به، متى عدلنا عن ظواهر الكلام بلا دليل، جر ذلك علينا ما لا قبل لنا به. وأما أمير المؤمنين عليه السلام فإنه لم يقل ابن عمر البيعة بعد دخولها فيها وإنما استعفاه من أن يلزمه البيعة ابتداء فأعفاه قلة فكر فيه، وعلما بأن إمامته لا تثبت بمبايعة من يبايعه عليها، فأين هذا من استقاله بيعة قد تقدمت واستقرت (1)!
* * * قلت: أما قول أبى بكر: وليتكم ولست بخيركم " فقد صدق عند كثير من أصحابنا، لان خيرهم علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن لا يقول بذلك يقول بما قاله الحسن البصري:
والله إنه ليعلم أنه خيرهم، ولكن المؤمن يهضم نفسه. ولم يطعن المرتضى فيه بهذه اللفظة لنطيل القول فيها. وأما قول المرتضى عنه أنه قال: فإن لي شيطانا يعتريني عند غضبي "، فالمشهور في الرواية: " فإن لي شيطانا يعتريني " (2)، قال المفسرون: أراد بالشيطان الغضب وسماه شيطانا على طريق الاستعارة، وكذا ذكره شيخنا أبو الحسين في " الغرر ".
قال معاوية لانسان غضب في حضرته فتكلم بما لا يتكلم بمثله في حضره الخلفاء: أربع على ظلعك (3) أيها الانسان، فإنما الغضب شيطان، وأنا لم نقل إلا خيرا.
وقد ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في " كتاب التاريخ الكبير " خطبتي أبى بكر عقيب بيعته بالسقيفة، ونحن نذكرهما نقلا من كتابه، أما الخطبة الأولى فهي:
.