أما بعد أيها الناس، فإني وليتكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، لان الصدق أمانة، والكذب خيانة الضعيف منكم قوى عندي حتى أريح عليه حقه، والقوى منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء. أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم: قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله.
وأما الخطبة الثانية: فهي: أيها الناس إنما أنا مثلكم، وإني لا أدرى لعلكم ستكلفونني ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يطيقه (1). إن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله على العالمين، وعصمه من الآفات، وإنما أنا متبع ولست بمتبوع، فإن استقمت فاتبعوني، وإن زغت فقوموني، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله قبض وليس أحد من هذه الأمة يطلبه بمظلمة ضربة سوط فما دونها. ألا وان لي شيطانا يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم. ألا وإنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه، فإن استطعتم ألا يمضى هذا الاجل إلا وأنتم في عمل صالح فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله. فسابقوا في مهل آجالكم من قبل ان تسلمكم آجالكم إلى انقطاع الأعمال، فإن قوما نسوا آجالهم، وجعلوا أعمالهم لغيرهم، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم. الجد الجد! الوحا الوحا! فإن وراءكم طالبا حثيثا أجل (2) مره سريع. احذروا الموت، واعتبروا بالآباء والأبناء والاخوان. ولا تغبطوا الاحياء إلا بما يغبط به الأموات (3).
إن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما يراد به وجهه فأريدوا وجه الله بأعمالكم، واعلموا .