غضب فالزيادة فيما ذكره المرتضى في قوله: " إن لي شيطانا يعتريني عند غضبي "، تحريف لا محالة، ولو كان له شيطان من الجن يعتاده وينوبه لكان في عداد المصروعين من المجانين وما ادعى أحد على أبى بكر هذا لا من أوليائه ولا من أعدائه، وإنما ذكرنا خطبته على طولها والمراد منها كلمة واحدة، لما فيها من الفصاحة والموعظة على عادتنا في الاعتناء بإيداع هذا الكتاب ما كان ذاهبا هذا المذهب، وسالكا هذا السبيل.
فأما قول المرتضى: " فهذه صفه من ليس بمعصوم "، فالامر كذلك والعصمة عندنا ليست شرطا في الإمامة ولو لم يدل على عدم اشتراطها، إلا أنه قال على المنبر بحضور الصحابة هذا القول، وأقروه على الإمامة - لكفى في عدم كون العصمة شرطا، لأنه قد حصل الاجماع على عدم اشتراط ذلك، إذ لو كان شرطا لأنكر منكر إمامته كما لو قال:
إني لا أصبر عن شرب الخمر وعن الزنى.
فأما قوله: " هذه صفة طائش لا يملك نفسه "، فلعمري إن أبا بكر كان حديدا، وقد ذكره عمر بذلك، وذكره غيره من الصحابة بالحدة والسرعة ولكن لا بحيث أن تبطل أهليته للإمامة، لان الذي يبطل الإمامة من ذلك وما يخرج الانسان عن العقل، وأما هو دون ذلك فلا. وليس قوله: " فاجتنبوني لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم " محمول على ظاهره، وإنما أراد به المبالغة في وصف القوة الغضبية عنده، وإلا فما سمعنا ولا نقل ناقل من الشيعة ولا من غير الشيعة أن أبا بكر في أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا في الجاهلية ولا في أيام خلافته احتد على إنسان فقام إليه فضربه بيده ومزق شعره.
فأما ما حكاه قاضي القضاة عن الشيخ أبى على من تشبيه هذه اللفظة بما ورد في القرآن، فهو على تقدير أن يكون أبو بكر عنى الشيطان حقيقة. وما اعترض به المرتضى ثانية عليه غير لازم، لان الله تعالى قال: فوسوس لهما الشيطان)، وتعقب ذلك قبولهما