هذا الاقرار، فمتى أوجبتم ذلك من إقرار عمار بطلت دعواكم وعلتكم.
وقد قلنا في تصويب علي رضي الله عنه وعدله - في قوله وفعله وخطأ المدعين عليه، والشاكين في صوابه، والطاعنين عليه في أحكامه - ما فيه أشفى الشفاء وأعدل المقال.
فإن قال قائل: قد فهمنا ما قلتم في رفعه السيف وإجابة القوم إلى الحكومة، فما معنى تحكيمه الرجال في دين الله؟ والحكومة في الدين ساقطة! لأنه متى حكم الحاكم بغير الحق لم يقبل منه، ومتى حكم بالحق وخالفه صاحبه عادت البينة خدعة وكانت القصة واحدة.
قلنا: هو رضي الله عنه كان أعرف بدين الله من أن يحكم الرجال، لأن الرجال قد يمكن منهم الانتقال والتقية والتغيير، فلم يحكم الرجال وإنما حكم الكتاب، إذ كان الكتاب لا يتبدل حكمه ولا يشهد بغير الحق لأن حكمه واحد.
فإن قالوا: فلم حكم أبا موسى وقد عرف رأيه وقد سقطت عنده عدالته بقعوده عنه، وزالت ولايته بتثبيطه الناس عنه (1).
قلنا: لم يبعث هو بأبي موسى، ولم يرض بحكومته، وإنما أدخله في ذلك الأشعث ابن قيس مع أهل اليمن، فقال لهم علي: أبعث مع عمرو بعبد الله بن عباس، فقال الأشعث: أميرنا مضري وأميرهم مضري، وحكمنا مضري وحكمهم مضري ما نرى لنا في الأمر نصيبا!
فأبوا وقالوا: ابعث منا يمانيا وإلا لم يدم معك يماني بسهم أبدا.
فقال لهم: قد رموكم بحجر الأرض فدعوني أصكهم بغلام من قريش. فأبوا