بحمد الله الخلف (1) ولو كان له مثل رجالك لم يكن له مثل صبرك ولا بصرك، إقرع الحديد بالحديد واستعن بالله.
فقام الأشعث مغضبا فقال: إنا / 53 / لك اليوم على ما كنا عليه أمس، ولسنا ندري كيف يكون غدا، فقد والله كل الحد وكلت البصائر، وما آخر أمرنا كأوله، وما القوم الذين كلموك بأحما للعراق، ولا أوثر للشام مني، فأجب القوم إلى كتاب الله فأنت أحق به منهم وقد أحب الناس البقاء فانظر فيه للعامة (2).
وقام فيما ذكروا عبد الله بن عمرو بن العاص بين الصفين وقال: يا أهل العراق إنه قد كانت بيننا وبينكم أمور (3) للدين [أ] والدنيا؟ فإن تكن للدين فقد والله أعذرنا وأعذرتم، وإن تكن للدنيا فقد أسرفنا وأسرفتم، وقد دعوناكم إلى أمر لو دعوتمونا إليه أجبناكم، فإن يجمعنا [وإياكم] الرضا به فذاك من الله، وإلا فاغتنموا هذه الفرصة التي لعله (4) أن يعيش بها الأحياء وينسى فيها القتلى [فإن بقاء المهلك بعد الهالك قليل].
وقد تعلمون أن هذا الكلام إذا صادف قلوبا قد ضعفت، ونيات قد فترت، وشبهة قد وقعت وقع من القلوب موقعا عجيبا وزاد في القلوب أضعاف ما بها من المرض والنكول، وهذه من حيل معاوية وعمرو بن العاص أرادوا بها اللبس والتمويه.
فقام سعيد بن قيس في أثر هذا الكلام فقال: يا أهل الشام إنه قد كانت بيننا وبينكم أمور حامينا فيها على الدين والدنيا سميتموها غدرا [أ] وسرفا وقد دعوتمونا