[وصية أمير المؤمنين عليه السلام لزياد بن النضر الحارثي لما أمره على مقدمته وسيره إلى هشام وقدمه أمامه].
فلما تهيأ [أمير المؤمنين] عليه السلام للمسير (1) جعل زياد بن النضر الحارثي وشريح ابن هانئ على مقدمته، ثم قال:
يا زياد بن النضر اتق الله في كل ممسى ومصبح، وخف على لسانك الدنيا الغرور ولا تأمنها على حال من البلاء (2) واعلم أنك إن لم تردع نفسك على كثير مما تحب مخافة مكروهه، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضر فكن لنفسك مانعا رادعا عن البغي والظلم فإني قد وليتك هذا الجند فلا تستذلهم، ولا تسلطن عليهم فإن خيركم أتقاكم (3).
تعلم من عالمهم، وعلم جاهلهم، واحلم عن سفيههم، فإنما يدرك الخير بالحلم وكف الأذى والجهل.
فقال زياد: يا أمير المؤمنين أوصيت [إيصاء] كافيا [ونحن نكون] حافظا لوصيتك، متأدبا بأدبك، يرى الرشد في أمرك، والغي في تضييع عهدك.