بأنفسكم لا محالة؟ أو [من] ضربة كف بالسيف تستبدلون الدنيا بالآخرة، ومرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في دار القرار؟ ما هذا بالرأي [السديد].
ثم مضى وقال: يا إخواني إني قد بعت هذه الدار الدنيا بالدار الآخرة التي أمامها وهذا وجهي إليها فلا تبرح وجوهكم ولا يقطع الله رجاءكم.
فتبعه إخوته وقالوا: لا نطلب رزقا بعدك قبح الله العيش بعدك، اللهم إنا نحتسب عندك أنفسنا. فاستقدموا فقاتلوا، فقتلوا رحمهم الله.
وذكروا أن رجلين تخاصما عند معاوية لعنه الله في قتل عمار فقال أحدهما:
أنا قتلته. وقال الآخر: أنا قتلته. فقال عبد الله بن عمرو بن العاصي: إنما تختصمان أيكما يدخل النار!! سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قاتل عمار في النار (1).
وذكروا أن غلاما من أهل الشام قاتل يوم صفين قتالا شديدا (2) فقال له بعض أصحاب علي: يا فتى هل أهمك أمر هذا الدين قط؟ وأمر هذه الأمة؟ فقال: لا والله لا أقول باطلا ما أهمني. قال: فعلام تقاتل؟ قال: إن أصحابي يخبروني أن صاحبكم لا يصلي! قال له: وكيف يقولون ذلك وهو أول من صلى وأجاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهدى وأصحابه الفقهاء والقراء. فرجع الفتى إلى أصحابه وخرق الصف، فقال له أصحابه: خدعك العراقي؟ قال: لا والله ولكن نصح لي.
فقد تعلمون عند التدبر في أمور من خالفه (3) أنها موضوعة على الكذب والغدر وطلب الدنيا وتعمد الخطاء.