[في أن عامة كلم أمير المؤمنين عليه السلام قد حلى بها المتكلمون كتبهم وتزين بها الوعاظ والقصاص مجالسهم ولكن انتحلوها ونسبوها إلى أنفسهم].
وأعجب من هذا! أن عامة ما ذكرنا من كلامه - وما لم نذكره من خطبه في التوحيد والثناء على الله وتذكيره ومواعظه - قد تحلى بها أكثر المتكلمين وتزين بها الواعظون وتكسب بها القصاص وتكثر بها في مجالسهم أهل الذكر وأوهموكم أن ذلك من كلامهم فنسبتم ما سمع من ذلك إليهم كمنصور بن عمار ومن أشبهه من القصاص، قلة عناية منكم بما صدر عنه، وجهلا بما يؤدى إليكم من علمه وخطبه وقلة تمييز لما يرد عليكم من كلام غيره.
وجميع ما ذكرنا وما لم نذكره من كلامه فهو مشهور مذكور عند أهل الرواية، وبالأسانيد المذكورة عند أهل المعرفة معروف (1).
فأين التخلف عن فضله وقد بزغت مناقبه؟ وما العلة في تقصير ما يجب من أداء حقه؟
بعد الذي شرحنا من أموره وذكرنا من فضائله [و] ليس بعد هذا علة فيدعيها الواقف، ولا شبهة فيلجأ إليها المقصر، لأن كل الذي وصفنا إن لم يكن سببا إلى الافراط والغلو لم يجد الناظر فيه سبيلا إلى منزلة التقصير والوقوف، فانظروا في ذلك نظر من يلتمس الصواب ويقتديه ويكره الخطأ ويزهد فيه.