[خدعة عمرو بن العاص ومعاوية صبيحة ليلة الهرير برفع المصاحف على الرماح وصياح الشاميين بأمرهما في أهل العراق وقولهم لهم: بيننا وبينكم كتاب الله: وانخداع أهل العراق بهذا النداء، ثم خطبة أمير المؤمنين فيهم وتحذيره إياهم عن الركون إلى هذا المكر، ثم ما جرى بينه وبين النوكى من القراء وممن كان في قلبه مرض من قواد العراق].
ولما عضت الحرب القوم وقرب أصحاب علي من الفتح قال عمرو بن العاص لمعاوية:
ها هنا حيلة توجب الاختلاف بينهم والفرقة، وذاك أن عليا وأصحابه أصحاب ورع ودين فإذا أصبحنا رفعنا المصاحف وقلنا: بيننا وبينكم كتاب الله.
فلما أصبحوا رفعوا المصاحف وقالوا: بيننا وبينكم كتاب الله، الله الله في البقية.
واستقبلوا علي بن أبي طالب بالمصاحف.
فقال علي: والله ما الكتاب يريدون، وإن هذا منهم لمكيدة، فاتقوا الله عباد الله وامضوا على حقكم وصدقكم وقتال عدوكم، فإن معاوية وعمرا وابن أبي معيط، وابن مسلمة وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، وأنا أعرف بهم منكم، قد صحبناهم أطفالا ورجالا، فكانوا شر أطفال وشر رجال. إنهم والله ما رفعوها ليعملوا بها وما رفعوها إلا خديعة ووهنا ومكيدة لكم (1).
فنفرق عند ذلك أصحابه واختلف قولهم، ورأى أكثرهم طلب الصلح والموادعة.
فإن قال قائل: فقد نرى ما قلتم وما يؤثر عن علي بن أبي طالب يوجب عليه الخطأ