باب [في بعض] ما [ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام من ينابيع الحكم] ذكر عن كميل بن زياد رحمه الله أنه قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فأخرجني إلى الصحراء، فلما أصحرنا، تنفس الصعداء، ثم قال:
يا كميل بن زياد، إن أول من أسس بنيان العمى وأدام توثب الجهل (1) تعسفا فظن أنه ظفر، وجاز عن دليل إحكام الحق، فتداكت عليه الأمور، وتقحم في المهالك، [و] يحسب أنه قد أحسن صنعا، فتداولته الشبهات، وتعاورته الجهالات، فهو في ظلما [ت] إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورا، فما له من نور، فرام إبطال حق تولى الله إثباته، وقامت العلماء [با] لله بحججه وبراهينه، يمنعون عنه الظلم، وزحاريف أهل الهوى، وأباطيل أهل الخطاء، فأخر ما قدم الله، وقدم ما أخر الله، ونقض الميثاق، وفرق الجماعات فأرعد وأبرق.
ثم قال [عليه السلام] (2):
يا كميل إن هذه القلوب أوعية، وخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أوصيك به، ولا تبغ بوصيتي بدلا: