لنا منهم [و] لسنا نخاف أن يحيف الله علينا ورسوله وقد أكلتنا الحرب ولا نرى البقاء إلا في الموادعة.
وتكلم عامة الناس مثل كلامه (1).
فلما رأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الاختلاف قد شمل عسكره وشك في حربهم عامة أصحابه أجاب القوم إلى ما سألوا [ه].
فإن قال قائل: أرأيت لو أن أصحابه لم يختلفوا عليه كان يحبذ قتالهم (2) وقد دعوه إلى حكم الكتاب، وأمسكوا عن حربه؟ وإنما حل قتالهم في البدء لأنهم أبوا حكم الكتاب.
قلنا له: إنما دعاهم أولا ليدينوا بحكم الكتاب وليرجعوا إلى ما أمر [هم] الله [به] والدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار وعلى الشاك منهم أن يجئ مجئ مستفهم متعلم لا مجئ مستطيل محارب.
على أنه [عليه السلام] لم يستحل قتالهم أولا حتى أقام عليهم الحجة ودلهم على بغيهم وباطلهم، فلا يرفع عنهم السيف بعد إقامة الحجة إلا بالإنابة والتوبة.
وليس قولهم في هذا الحال: " قد رضينا بحكم الكتاب " إلا خديعة ظاهرة ومكيدة مكشوفة، فلا معنى لقولهم هذا مع الإقامة على التعبئة وتهيئة الحرب، فإن كانوا طلبوا الحجة وكشف البينة، فقد قامت في البدء ووضحت.
فإن قالوا: قد رضينا بحكم الكتاب على الندم والرجوع والإنابة فعلامة دعواهم