[رجوع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام من صفين إلى الكوفة، وكلامه مع عبد الله بن وديعة الأنصاري، واستفساره منه عن قول الناس فيما جرى بينه وبين معاوية] ذكروا أنه لما رجع من صفين وقرب من الكوفة (1) لقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري فدنا منه وسايره، ثم قال له علي: ما سمعت الناس يقولون في أمرنا هذا؟ قال: منهم المعجب به، ومنهم الكاره له، والناس كما قال الله: ولا يزالون مختلفين " [118 / هود: 11]. فقال علي: فما قول ذوي الرأي [منهم؟]. قال: أما قول ذوي الرأي فيقولون: إن عليا كان له جمع عظيم ففرقه، وكان في حصن حصين فهدمه [و] حتى متى يبني ما قد هدم؟ ويجمع ما قد فرق؟ فلو أنه مضى بمن تبعه وأطاعه - حين عصاه من عصاه - فقاتل حتى يظفر أو يهلك كان ذلك [هو] الحزم.
فقال له علي: أنا هدمت أمرهم أم هم هدموا؟! أم أنا فرقتهم أم هم تفرقوا؟!
وأما قولهم: لو أنه كان مضى بمن أطاعه - إذ عصاه من عصاه - فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذا كان ذلك الحزم. فوالله ما غني عني ذلك وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا طيبة نفسي بالموت (2) ولقد هممت بالإقدام على القوم فنظرت إلى هذين قد ابتدراني، يعني الحسن والحسين، ونظرت إلى هذين قد استقدماني - يعني عبد الله