وله الصحبة المعروفة والشجاعة المذكورة، ومحنته بطلحة واستمالة الناس بخطبه، والتمويه عليهم بسابقته مع من أشبههم من الخاصة والعامة ثم ما ذكرنا بعدهم.
وأبو بكر لم ينفرد بمحنة الردة، ولقد كان علي له معينا وشريكا، ولقد أشار عليه بما ذكرنا.
وأين محنة أبي بكر - وقد أطاعه القوم جميعا بعد الخلاف - من محنة علي مع أهل الخلاف عليه، وأبو بكر يتخلف من عسكره فلا يباشر حربا بنفسه، ويعبنه علي على تدبيره، فلم يباشر حرب ما حدث في زمانه فيكون له فضيلة ولا تفرد بالتدبير والرأي فينسب ذلك إليه ويتقدم به، وعلي في عسكره يتولى تدبيره بنفسه، ويخوض تلك الحروب ببأسه، ويقوم أود تلك العساكر برأيه، ليس له نظير يعينه، ولا وزير يشاركه.
فمهلا رحمكم الله فإلى كم تلجون في الخطأ، وتعتلون بالشك والوقف معاشر المرجئة والمعتزلة.
فأما أنتم أيها المنسوبون إلى الرواية، والمحصون للآثار عن رسول الله، فقد علمنا أنه لاحظ لكم في استنباط المعرفة، ولا رأي فيدعوكم إلى المحاجة، ولا نظر فتدعوا في العلم رساخة، ولستم باللذين تدعون إلى عدل المقايسة، فتقولون نحن أصوب منكم مقالة، وكيف يمكنكم ذلك ومتى ذكر لكم النظر كنتم كالحمر / 64 / المستنفرة، فأنتم إذا رفعنا منزلتكم في المثل كالصيادلة الذين لا يعرفون إلا أسماء الأدوية [وهم] جهال بالدواء والعلة، أو كتاجر ليس له بالصرف معرفة.
وأهل النظر في المثل هم الأطباء والصيارفة العارفون (1) معاني الأدواء والأدوية و [ذوو] البصر بالذهب والفضة فإن عرضتم علينا ما في أيديكم من الرواية للنظر في خطائها من صوابها أصبتم وجه بالرأي في التعلم، ولم تلبثوا إلا ريث ما حتى ينكشف لكم الحق فيما عنه تسألون، وكان مثلكم