[خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج بعد ما فارقوه فأرسل إليهم ابن عباس ثم لحقه ودخل معسكرهم].
وذكروا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1) خرج إلى الخوارج فأتى فسطاط يزيد بن قيس فدخله فتوضأ فيه وصلى ركعتين ثم خرج حتى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عباس، فقال علي لابن عباس: انته عن كلامهم، ألم أنهك رحمك الله؟ ثم تكلم علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
إن هذا مقام من فتح الله له فيه كان أولى بالفتح يوم القيامة (2) ومن نطف فيه وأوعب فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا.
ثم قال لهم: من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكواء. قال علي: فما أخرجكم من حكمنا؟
قالوا: حكومتكم يوم صفين. قال: نشدتكم بالله أتعلمون أنهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم: نجيبهم إلى كتاب الله. قلت لكم: إني أعلم بالقوم منكم [إنهم] ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، فإني قد صحبتهم وعرفتهم أطفالا ورجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال، امضوا على حقكم وصدقكم، فإنما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة ووهنا ومكيدة