(فأتي) بصيغة المجهول (قد شرب الخمر) والجملة حال من رجل (ورفع القتل) أي رفع رسول الله القتل عن ذلك الرجل أي لم يقتله وفي رواية الترمذي من طريق جابر " ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة فضربه ولم يقتله " (فكانت رخصة) هذا دليل ظاهر على أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ إن ثبت الحديث وسيظهر لك حاله في كلام المنذري.
قال الطيبي: هذا أي قوله لم يقتله قرينة ناهضة على أن قوله فاقتلوه مجاز عن الضرب المبرح مبالغة لما عتا وتمرد، ولا يبعد أن عمر رضي الله عنه أخذ جلد ثمانين من هذا المعنى انتهى (وعنده) أي الزهري والواو للحال (منصور بن المعتمر) أحد الأعلام المشهور الكوفي (ومخول) بضم أوله وفتح المعجمة كمعظم (ابن راشد) النهدي مولاهم أبو راشد الكوفي (فقال) الزهري (كونا) أمر من الكون بصيغة التثنية (وافدي أهل العراق بهذا الحديث) وافدي بصيغة التثنية سقطت النون للإضافة. قال في القاموس: وفد إليه وعليه قدم وورد.
والمقصود أن منصور بن المعتمر ومخول بن راشد لما كانا من أهل العراق قال الزهري لهما بعدما حدثهما هذا الحديث اذهبا بهذا الحديث إلى أهل العراق وأخبراهم به ليعلموا أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ وأن الناسخ له هو هذا الحديث والله تعالى أعلم قال المنذري: قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: والقتل منسوخ بهذا الحديث وغيره.
وقال غيره: قد يراد الأمر بالوعيد ولا يراد به وقوع الفعل وإنما يقصد به الردع والتحذير، وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجبا ثم نسخ بحصول الإجماع من الأمة على أن لا يقتل.
هذا آخر كلامه. وقال غيره: أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر وأجمعوا على أنه لا يقتل إذا تكرر منه إلا طائفة شاذة قالت يقتل بعد حده أربع مرات للحديث وهو عند الكافة منسوخ. هذا آخر كلامه. وقبيصة بن ذؤيب ولد عام الفتح وقيل إنه ولد أول سنة من الهجرة ولم يذكر له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعده الأئمة من التابعين وذكروا أنه سمع من الصحابة فإذا ثبت أن مولده في أول سنة من الهجرة أمكن أن يكون سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قيل إنه أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام يدعو له. وذكر عن الزهري أنه كان إذا ذكر قبيصة بن ذؤيب قال: كان من علماء هذه الأمة وأما أبوه ذؤيب بن حلحلة فله صحبة. انتهى كلام المنذري.
وأخرج النسائي في السنن الكبرى عن محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا " من شرب الخمر فاجلدوه " إلى آخره، قال " ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب في الرابعة فجلده ولم يقتله " ورواه البزار في مسنده عن محمد بن إسحاق به " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي