تتركوا بل ائتمروا بالمعروف الخ (حتى إذا رأيت) الخطاب عام لكل مسلم (شحا مطاعا) أي بخلا مطاعا بأن أطاعته نفسك وطاوعه غيرك قاله القاري. وفي النهاية: هو أشد البخل، وقيل البخل مع الحرص، وقيل البخل في أفراد الأمور وآحادها، والشح عام، وقيل البخل بالمال والشح بالمال والمعروف (وهوى متبعا) بصيغة المفعول أي وهوى للنفس متبوعا وطريق الهدى مدفوعا والحاصل أن كلا يتبع هواه (ودنيا) بالتنوين كذا ضبط في بعض النسخ بالقلم وقال القاري في شرح المشكاة بالقصر، وفي نسخة بالتنوين قال وهي عبارة عن المال والجاه في الدار الدنية (مؤثرة) أي مختارة على أمور الدين (وإعجاب كل ذي رأي برأيه) أي من غير نظر إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة وترك الاقتداء بالصحابة والتابعين. والإعجاب بكسر الهمزة هو وجدان الشيء حسنا ورؤيته مستحسنا بحيث يصير صاحبه به معجبا وعن قبول كلام الغير مجنبا وإن كان قبيحا في نفس الأمر (فعليك يعني بنفسك) كأن في الحديث لفظ فعليك فقط فزاد بعض الرواة يعني بنفسك إيضاحا لقوله فعليك أي يريد صلى الله عليه وسلم بقوله فعليك فعليك بنفسك، وفي رواية الترمذي فعليك نفسك (ودع عنك العوام) أي واترك عامة الناس الخارجين عن طريق الخواص (فإن من ورائكم) أي خلفكم (أيام الصبر) أي أياما لا طريق لكم فيها إلا الصبر أو أياما يحمد فيها الصبر وهو الحبس على خلاف النفس (الصبر فيه) كذا في عامة النسخ التي في أيدينا وفي نسخة فيهن وهو الظاهر وأما تذكير الضمير كما في عامة النسخ فلا يستقيم إلا أن يأول أيام الصبر بوقت الصبر. واعلم أنه وقع في بعض النسخ: " فإن من ورائكم أيام الصبر فيه مثل قبض على الجمر " قال في فتح الودود: قوله: " فإن من ورائكم أيام " هكذا هو في بعض النسخ وفي بعضها أياما بالنصب وهو الظاهر والأول محمول على مسامحة أهل الحديث فإنهم كثيرا ما يكتبون المنصوب بصورة المرفوع أو على لغة من يرفع اسم إن أو على حذف ضمير الشأن والله أعلم انتهى (مثل قبض على الجمر) يعني يلحقه المشقة بالصبر كمشقة الصابر على قبض الجمر بيده (يعملون مثل عمله) أي في غير زمانه (وزادني غيره) وفي رواية الترمذي قال عبد الله بن المبارك وزادني غير عتبة (قال يا رسول الله أجر خمسين) بتقدير الاستفهام (منهم) قال القاري فيه تأويلان أحدهما أن يكون أجر كل واحد منهم على تقدير أنه غير مبتلى ولم يضاعف أجره، وثانيهما أن يراد أجر خمسين منهم أجمعين لم يبتلوا ببلائه انتهى (قال أجر خمسين منكم) قال في فتح الودود: هذا في الأعمال التي يشق فعلها في تلك الأيام لا
(٣٣٢)