(لقد هممت) الهم العزم وقيل دونه، وزاد مسلم في أوله (أنه صلى الله عليه وسلم فقد أناسا في بعض الصلوات فقال. لقد هممت) فأفاد ذكر سبب الحديث (فتقام) أي الصلاة (ثم آمر رجلا فيصلي بالناس) وفي رواية البخاري ثم امر بالصلاة فيؤذن لها ثم امر رجلا فيؤم الناس) قال الحافظ في الفتح: فيه الرخصة للامام أو نائبه في ترك الجماعة لأجل اخراج من يستخفي في بيته ويتركها انتهى. قال العيني في رواية إنها العشاء، وفي أخرى الفجر، وفي أخرى الجمعة، وفي أخرى يتخلفون عن الصلاة مطلقا، ولا تضاد بينها لجواز تعد الواقعة (ثم انطلق) أي أذهب (حزم من حطب) قال في المصباح المنير: حزمت الدابة حزما من باب ضرب، شددته بالحزام وجمعه حزم مثل كتاب وكتب وحزمت الشئ جعلته حزمة والجمع حزم مثل غرفة وغرف. انتهى.
الحزام الحبل. قال في منتهى الإرب: الحزمة بالضم معناها بالفارسية بندهيزم (إلى قوم) متعلق بأنطلق قال (فأحرق) بالتشديد، والمراد به التكثير، يقال حرقه إذا بالغ في تحريقه قاله الحافظ (عليهم بيوتهم) يشعر بأن العقوبة ليست قاصرة على المال، بل المراد تحريق المقصودين والبيوت تبعا للقاطنين بها. وفي رواية مسلم من طريق أبي صالح (فأحرق بيوتا على من فيها) قاله الحافظ في الفتح. وقال في المرقاة: قوله عليهم بيوتهم بضم الباء وكسرها.
قيل هذا يحتمل أن يكون عاما في جميع الناس، وقيل المراد به المنافقون في زمانه، نقله ابن الملك، والظاهر الثاني إذ ما كان أحد يتخلف عن جماعة في زمانة عليه السلام إلا منافق ظاهر النفاق أو الشك في دينه. انتهى. قال النووي: قال بعضهم: في هذا الحديث دليل على أن العقوبة كانت في أول الأمر بالمال، لأن تحريق البيوت عقوبة مالية، وقال غيره: أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الصلاة والغال من الغنيمة، واختلف السلف فيهما والجمهور على منع متاعهما. انتهى. قال الحافظ في الفتح: والذي يظهر لي أن الحديث ورد في المنافقين ولقوله في صدر الحديث الآتي (ليس أثقل صلاة على المنافقين من العشاء والفجر) والحديث. ولقوله (لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا) إلى آخره لأن هذا الوصف لائق بالمنافقين لا بالمؤمن الكامل، لكن المراد به نفاق المعصية لا نفاق الكفر