لا يجيزان ذلك قياسا على سائر الصلوات، وإليه ذهب سفيان الثوري، وذهب بعض أصحاب الحديث إلى أن ذلك جائزا إذا كان للمسجد مؤذنان كما كان لرسول الله عليه وآله وسلم فأما إذا لم يؤذن فيه إلا مؤذن واحد، فإنه لا يجوز أن يفعله إلا بعد دخول الوقت، فيحمل على هذا أنه لم يكن لمسجد رسول الله عليه وآله وسلم في الوقت الذي نهى عنه بلالا إلا مؤذن واحد وهو بلال ثم أجازه حين أقام ابن أم مكتوم مؤذنا، لأن الحديث في تأذين بلال قبل الفجر ثابت من رواية ابن عمر. انتهى. وقال الحافظ في الفتح: قد اختلف هل يشرع الأذان قبل الفجر أو لا، وإذا شرع هل يكتفي به عن إعادة الأذان بعد الفجر أو لا، وإلى مشروعيته مطلقا ذهب الجمهور، وخالف الثوري وأبو حنيفة ومحمد، وإلى الاكتفاء مطلقا ذهب مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم، وخالف ابن خزيمة وابن المنذر وطائفة من أهل الحديث. وقال به الغزالي في الأحياء. انتهى. قلت: وحديث ابن عمر وعائشة الذي أخرجه البخاري ولفظه (إن بلالا يؤذن بليل فكانوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) يدل على عدم الاكتفاء، وإلى هذا ميل البخاري، كما يلوح من كلام الحافظ (لم يروه) هذا الحديث مرفوعا (عن أيوب إلا حماد بن سلمة) وحماد بن سلمة وهم في رفعه. قال الترمذي في جامعه:
حديث حماد بن سلمة غير محفوظ. قال علي بن المديني حديث حماد ابن سلمة عن أيوب غير محفوظ، وأخطأ فيه حماد بن سلمة. انتهى. وقال الحافظ في الفتح: أخرجه أبو داود وغيره من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موصولا مرفوعا ورجاله ثقات حفاظ.
لكن اتفق أئمة الحديث: علي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري والذهلي وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والأثرم والدارقطني على أن حمادا أخطأ في رفعه، وأن الصواب وقفه على عمر بن الخطاب وأنه هو وقع له ذلك مع مؤذنه وأن حمادا تفرد برفعه انتهى. قاله في غاية المقصود.
(فذكر) الراوي (نحوه) ولفظ الترمذي فأمره عمر أن يعيد الأذان لكن هذه الرواية منقطعة. قال الترمذي في جامعه: هذا لا يصح لأنه عن نافع عن عمر منقطع (رواه حماد بن