جنبا أجزأه أن يتوضأ ويصلي. وكان أحمد بن حنبل وأبو ثور يوجبان الاغتسال على الكافر إذا أسلم قولا بظاهر الحديث، وقالوا: لا يخلو المشرك في أيام كفره من جماع أو احتلام وهو لا يغتسل، ولو اغتسل لم يصح منه، لأن الاغتسال من الجنابة فرض من فروض الدين وهو لا يجزئه إلا بعد الإيمان كالصلاة والزكاة ونحوها. وكان مالك يرى أن يغتسل الكافر إذا أسلم.
واختلفوا في المشرك يتوضأ في حال شركه ثم يسلم، فقال بعض أصحاب الرأي: له أن يصلي بالوضوء المتقدم في حال شركه، لكنه لو تيمم ثم أسلم لم يكن له أن يصلي بذلك التيمم حتى يستأنف التيمم في الاسلام إن لم يكن واجدا للماء، والفرق من الأمرين عندهم أن التيمم مفتقر إلى النية، ونية العبادة لا تصح من مشرك، والطهارة بالماء غير مفتقر إلى النية، فإذا وجدت من المشرك صحت في الحكم كما توجد من المسلم سواء. وقال الشافعي: إذا توضأ وهو مشرك أو تيمم ثم أسلم كان عليه إعادة الوضوء للصلاة بعد الاسلام، وكذلك التيمم لا فرق بينهما، ولكنه لو كان جنبا فاغتسل ثم أسلم، فأن أصحابه قد اختلفوا في ذلك، فمنهم من أوجب عليه الاغتسال ثانيا كالوضوء سواء وهذا أشبه وأولى، ومنهم من فرق بينهما. فرأى أن عليه أن يتوضأ على كل حال ولم ير عليه الاغتسال، فإن أسلم وقد علم أنه لم تكن أصابته جنابة قط في حال كفره فلا غسل عليه في قولهم جميعا، وقول أحمد في الجمع بين إيجاب الاغتسال والوضوء عليه إذا أسلم أشبه بظاهر الحديث وأولى بالقياس انتهى كلامه. قلت: قول من قال بوجوب الاغتسال على الكافر إذا أسلم هو موافق بظاهر الحديث لأن حقيقة الأمر الوجوب ما لم توجد قرينة صارفة عنه والله أعلم. قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(ألقى عنك شعر الكفر) ليس المراد والله أعلم أن كل من أسلم أن يحلق رأسه حتى يلزم له حلق الرأس كما يلزم الغسل، بل إضافة الشعر إلى الكفر يدل على حلق الشعر الذي هو للكفار علامة لكفرها وهي مختلفة الهيئة في البلاد المختلفة، فكفرة الهند ومصر لهم في موضع من الرأس شعور طويلة لا يتعرضون بشئ من الحلق أو الجز أبدا، وإذا يريدون حلق الرأس يحلقون كلها إلا ذلك المقدار وهو على الظاهر علامة مميزة بين الكفر والإسلام، فأمر