أن يظلوا معرسين لهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم 1.
في هذين الحديثين يصرح الخليفة بان دافعه إلى ما فعل أمران:
أولا: احترام الحج، ويحتج هنا لما يرى بعين الاحتجاج الذي احتجت به الصحابة عندما أبت على رسول الله التمتع بالعمرة إلى الحج في حجة الوداع، ومن هنا نرى ان قائل القول في المقامين أيضا واحد وهم مهاجرة قريش الذين رأوا في عمرة التمتع مخالفة لما دأبوا عليه من سنن الحج والعمرة في الجاهلية.
والدافع الثاني له إلى منع الجمع بين الحج والعمرة في سفرة واحدة ما صرح به في أحد الحديثين من " ان أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع وإنما ربيعهم في من يطرأ عليهم ".
إذا فالخليفة يأمر بالفصل بين الحج والعمرة وان تجعل العمرة في غير أشهر الحج ليأتي المسلمون إلى مكة مرتين مرة للحج وأخرى للعمرة ففيه ربيع ذوي أرومته من قريش سكان الحرم.
ويقصد هذا - أيضا - في جوابه لعلي بن أبي طالب كما في سنن البيهقي قال:
قال علي بن أبي طالب لعمر (رض) أنهيت عن المتعة قال: لا، ولكني أردت كثرة زيارة البيت، قال: فقال علي (رض) من أفرد الحج فحسن ومن تمتع فقد أخذ بكتاب الله وسنة نبيه (ص) 2.
كان ما تقدم كل ما انتهى إلينا من أخبار نهى عمر (رض) عن عمرة التمتع على قلة ما لدينا من مصادر البحث، وما ذكرناه على قلته ألقى بعض الضوء على اجتهاد عمر في هذا الحكم ودافعه إلى ما تأول، وقد أدركنا من مجموع ما تقدم ان نهى عمر كان شديدا عن متعة الحج وكان يضرب الناس عليها 3 قال ابن كثير: وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يهابونه كثيرا فلا يتجاسرون على مخالفته 4 ولم نجد من يعارضه