ورواة الأحاديث ما كان ينقل كل أحاديث الأصول والمصنفات، وخير دليل على ذلك أن الستة عشر التي بأيدينا لم يذكر منها إلا ما وافق مسلكه، وأما ما تبقى فلم يذكره في " الكافي "، فماذا يدلل ذلك؟!
كتاب العلل للفضل بن شاذان - كما مر - على ما فيه من اعتبار إلا أنه لم يرو منه شيئا!!
لقد ذكر الحر العاملي في " الوسائل " بعد ما نقل كلام الكليني من مقدمته، قال:
" ومعلوم أنه لم يذكر فيه قاعدة يميز بها الصحيح عن غيره لو كان فيه غير صحيح، و لا كان اصطلاح المتأخرين موجودا في زمانه قطعا كما يأتي، فعلم أن كل ما فيه صحيح باصطلاح القدماء بمعنى الثابت عن المعصوم عليه السلام بالقرائن القطعية أو التواتر " (1).
وقال الشيخ بهاء الدين العاملي في " مشرق الشمسين " بعد ذكر تقسيم الحديث إلى الأقسام الأربعة الرئيسية: " وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم، بل المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه... " (2)، ثم ذكر عدة أمور توجب الوثوق بصحة الحديث.
قال الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني، في " المعالم " و " المنتقى " في عدة مواضع بأن أحاديث كتبنا المعتمدة محفوفة بالقرائن، وأن المتقدمين إلى زمن العلامة كانوا يعملون بالقرائن، لا بهذا الاصطلاح المشهور بعده، وأن المتأخرين قد يعملون بذلك أيضا (3).