أما الشهيد الثاني فقد قال في شرح دراية الحديث: " إن أمر المتقدمين قد استقر على أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف سموها أصولا، فكان عليها اعتمادهم، ثم تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأصول، ولخصها جماعة في كتب خاصة، و أحسنها الأربعة المعروفة " (1)، أي وأحسن ما جمع منها: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه.
أما المحقق الحلي فقد ذكر في أول كتابه " المعتبر " بأنه روى عن الصادق عليه السلام ما يقارب أربعة آلاف رجل، وكتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف سموها أصولا. وذكر في الفصل الرابع منه أنه ينقل الاخبار من كتب أخبار المتقدمين على ما بان فيه اجتهادهم وعليه اعتمادهم، فممن اختار: الحسن بن محبوب، والبزنطي، والحسين بن سعيد، والفضل بن شاذان، ويونس بن عبد الرحمان، ومن المتأخرين:
الصدوق، والكليني، ثم ذكر أصحاب كتب الفتاوي.
أقول: واضح جدا من كلامه أن كتب أصحاب الأصول كانت عنده، كما أن " الكافي "، " ومن لا يحضره الفقيه " كانت كذلك لديه، وقد أخذ منها.
وقال المحدث البحراني صاحب الحدائق: " إن هذه الأحاديث التي بأيدينا إنما وصلت إلينا بعد أن سهرت العيون في تصحيحها، وذابت الأبدان في تنقيحها، وقطعوا في تحصيلها من معادنها البلدان، وهجروا في تنقيتها الأولاد والنسوان، كما لا يخفى على من تتبع السير والاخبار، وطالع الكتب المدونة في تلك الآثار، فإن المستفاد منها أنه كان دأب قدماء أصحابنا المعاصرين لهم عليهم السلام إلى وقت المحمدين الثلاثة في مدة تزيد على ثلاثمائة سنة ضبط الأحاديث وتدوينها في مجالس الأئمة عليهم السلام، والمسارعة إلى إثبات ما يسمعونه، خوفا من تطرق السهو والنسيان، وعرض ذلك