اتضح مما تقدم أن الوجود الذهني ممكن تصوره.
ثم هذا الموجود إما أن نتعقل وجوبه، أو نتعقل إمكانه، أو لا نتعقلهما، فالمعقول - أي ما اتسع العقل فأدركه - إذن ينقسم إلى:
1 - واجب بالذات، كالباري سبحانه، وهذا ما نطلق علية واجب الوجود.
2 - ممتنع بالذات، كشريك الباري، وهذا ما نطلق عليه ممتنع الوجود.
3 - ممكن بالذات، كالانسان، وهذا ما نطلق عليه ممكن الوجود.
أقول: لا يجتمع اثنان مما تقدم، كما لا يمكن الخلو من أحدهما، كما يتعذر انقلابهما، فالواجب بالذات لا يكون ممتنعا بالذات، بمعنى أن الواجب لا ينقلب إلى ممتنع أو ممكن بالذات، لان لزوم الشئ لذاته أو ما هو داخل في الذات لا يعقل انقلابه إلى شئ مغاير لذاته أو حقيقته، فالحيوان لا يمكن أن ينقلب إلى إنسان، والزوج لا ينقلب إلى فرد.
نعم يصدق الانقلاب فيما لو كان الشئ خارجا عن الذات، كالنائم ينقلب مستيقظا، أو المتحرك ينقلب ساكنا، والمتكلم ينقلب صامتا.
فهذه صفات وحالات تتسم بها الذات الممكنة دون القسمين الآخرين، لهذا نقول: إن القسمين - أعني الوجوب والامتناع - يلازمان الضرورة، فالخالق سبحانه واجب بالضرورة، والشريك له ممتنع بالضرورة. وعلى هذا البيان فإن الوجوب والامتناع يصدق كل منهما على الآخر، أي أن واجب الوجوب، وهو الباري سبحانه، ممتنع العدم، وأن واجب العدم، وهو شريك الباري ممتنع الوجود.
مما تقدم نفهم القسم الثالث، وهو الممكن بالذات، ويعرف هذا من خلال الواجب والممتنع، حيث أن الممكن بالذات هو الواجب بالغير، إذ أن الممكن إذا