الكليني والكافي - الشيخ عبد الرسول الغفار - الصفحة ٣١٦
يقفوا أمام تلك المعتقدات وتفنيدها من خلال أحاديث أهل البيت ومدرستهم وخطهم الصحيح.
لهذا راج علم الكلام (1)، وأصبح من أشرف العلوم، لأنه تكفل بتحقيق وتنقيح المطالب العقائدية، أو قل: توضيح أصول العقائد الاسلامية والدفاع عنها (2)، فهو أعم من البحث في أمر اعتقادي معين.

(1) سبب رواج علم الكلام في صفوف المسلمين تعود لأسباب عديدة، منها: الاختلاف الذي أوجده ملوك بني أمية وبني العباس وتسلطهم على رقاب الناس، حيث روجوا مذهب الارجاء وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، وابنه يزيد، وعبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد وأحزابهم... وهؤلاء المرجئة يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية، ولا ينفع مع الكفر طاعة، لاعتقادهم أن الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي، أي أخر عنهم، وقيل: لأنهم يرجئون العمل على النية، أي يؤخرونه في الرتبة عنها وعن الاعتقاد، وقد استدل هؤلاء على عقيدتهم الفاسدة بالآية الشريفة " وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم " سورة التوبة آية 106.
ثم من أسباب رواج علم الكلام هو دفاع علماء المسلمين ومتكلميهم عن عقائدهم بواسطة البحوث الكلامية، ورد مفتريات الزنادقة وادعاءاتهم، وكما عرفت أن علم الكلام قد تكفل بوضع الأسس والقواعد الكلامية والعقلية. ثم إن ترجمة الكتب الفلسفية والعلمية والمنطق من اللغة اليونانية والسريانية إلى العربية، واندفاع أناس إلى تعلم العلوم العقلية والاستدلالية، مما خلق الاهتمام بعلم الكلام، كما لا يخفى أن هذا الاهتمام روج له بعض ملوك بني العباس كالمأمون 195 - 218 ه‍ الذي اعتنق مذهب الاعتزال وجعله المذهب الرسمي للدولة.
(2) قال ملا صدرا الشيرازي في شرح أصول الكافي: " علم الكلام هو البحث عن ذات الله وصفاته وأفعاله وعن أحوال المعاد بأدلة ممزوجة من العقل والشرع، بمقدمات مقبولة عند الجمهور، أو مسلمة عند الخصم وكان المقصود منه حراسة المعتقدات التي نقلها أهل الشرع عن آراء المبتدعين وأوهام المضلين، ويحتاج إليه لمناظرة مبتدع أو مخاصمة مفسد مضل، ودفع أفساده وقمع أضلاله بأي وجه حصل ولو بالخداع كما في الحرب، لان بناء الكلام على الجدل والخوض فيه زيادة على ما به يدفع الخصوم ". ثم قال: " الفائدة في وضعه دفع المفسدين وإزاحة صولة المنكرين مع ما يلزم من الخوض فيه من عادات رديئة، وأمراض مزمنة.. ".
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست