ثم إن علم الكلام انشعب إلى قسمين: الكلام العقلي والكلام النقلي، والمسائل التي تناولها علم الكلام هي مسألة التوحيد، توحيد الذات والصفات، اي أن صفاته هي عين ذاته وليست هي زائدة على الذات (1)، وهذه المسألة طال البحث فيها، وبرزت للمعتزلة مقالات عديدة، كما أظهرت الأشاعرة آراءها، وكان الامر أن ذهب علماء كل فريق بمعتقدهم، وأقاموا الأدلة في إبطال معتقد الآخر.
وهكذا صراع حاد وجدل مرير تمخضت عنه آراء كثيرة يندى لها جبين الفكر البشري لما فيه من سقطات وهنات.
ومن خلال ذلك النزاع برزت مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وقد نقلها لنا الشيخ الكليني بكل أمانة ودقة، بل اهتم كثيرا في ابراز معالم هذه المدرسة بتبويب الأحاديث وتصنيفها وفق المسائل التي كانت بارزة، والتي هي مدار بحث وجدل، وفي مقدمة تلك المسائل موضوع التوحيد.
عندما نتكلم عن التوحيد لابد من مقدمة للبحث في أصل معنى الوجود، ثم إقامة الدليل على إثبات الصانع من خلال الدليل العقلي.
أقول: إن الموجودات تنقسم من حيث الوجود والعدم إلى الأقسام الآتية:
أولا: واجب الوجود، وهذا ينقسم إلى: (أ) واجب لذاته. (ب) واجب لغيره.
ثانيا: ممكن الوجود.
ثالثا: ممتنع الوجود.