عليها.
هذه الحالات التي جنتها أيدي علمائهم، وتلك المنافسات التي اشتركت فيها أغلب الفرق الاسلامية والاتجاهات العلمية، صيرت من علماء الشيعة الإمامية ان يقفوا ضد كل تيار منحرف، أو عقيدة خاطئة، لأجل ذلك تظافرت الهمم، ودخل علماء الإمامية في تلك المناظرات بكل امكانياتهم العلمية ليضعونها للمسلمين، فصنفوا الكتب العقائدية والكلامية، وعززوا أقوالهم بالدليل العلمي العقلي، والدليل النقلي من الكتاب وسنة النبي وأهل بيته الأطهار، وشاركوا في المناظرات بين علماء المذاهب، وأردفوهم بالحجج الدامغة، والبراهين القاطعة، من الأئمة الهداة الميامين.
كل تلك الظواهر قد عاشها شيخنا الكليني، وعاصر جزئيات الاحداث والاضطراب العقائدي الذي كان يموج به العصر العباسي، وبالذات في أواخر القرن الثالث الهجري وبداية القرن الرابع منه، لهذا شمر ذراعيه ليضع بين أيدي المسلمين كتابه " الكافي " - الأصول -، ليضع مدرسة أهل البيت نصب أعينهم، فينهل منها الشارد والوارد.
الصراعات التي حصلت بين هذه المذاهب وتأييد الخلفاء لها قد وجدنا آثارها في كل البلدان الاسلامية، وإن كان منشؤها العراق وبالذات بغداد والبصرة، الا ان بلواها قد عم بلاد الشام، ومصر، والحجاز، وبلاد فارس، وما وراء النهر من بلاد السند والهند. وقد وضحنا فيما سبق الصراعات الحادة، والنزاعات الدموية التي حصلت في بلاد الري بين فرق المعتزلة والحنابلة والمجبرة والأشاعرة وغيرهم، وعلى اثر تلك الصراعات العنيفة ذهب ضحيتها كثير من العلماء، من جميع الأطراف، بل أن التاريخ يذكر لنا خراب بلاد الري من جراء تلك الفتن.