هكذا لفق الوضاعون من الزنادقة من الخبرين الآنفين أسطورة خرافية وأسندوا روايتها إلى بعض الصحابة والتابعين وتابعي التابعين زورا وبهتانا، ثم دسوها في كتب بعض المصنفين بمدرسة الخلفاء دون أن ينتبه إليها) ثم جاء بعدهم كتاب السيرة والتفسير بمدرسة الخلفاء ودونوها في مصنفاتهم غفلة منهم عن حقيقة الأمر.
وإنما قلنا أن واضعي تلك الأسطورة هم الزنادقة، لما وجدناهم وضعوا آلاف الأخبار المفتراة التي كشفنا عن حقيقة مئات منها في كتابينا (عبد الله بن سبأ) و (خمسون ومائة صحابي مختلق). وقد أخبر قبلنا محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت 311 ه) ان الزنادقة هم الذين وضعوا هذه الأسطورة، ونحن نرى ان زمان وضع تلكم الأسطورة كان أوائل القرن الثاني الهجري.
ومهما يكن أمر زمان تلكم الأحاديث فإنها انتشرت في كتب تفاسير مدرسة الخلفاء وكتب السير والتاريخ عندهم، وتناقلوها جيلا بعد جيل، حتى برز المستشرقون في القرون الأخيرة، ووجدوا بغيتهم في هذه الأسطورة ونقلوها في كتبهم التي ألفوها باسم معرفة الاسلام وتعريف نبيه، وزادوا عليها من عندهم على قدر ما ساعدهم خيالهم الخصيب في التحوير والتزوير باسم التحليل والتعليل، كالمستشرق الهولندي " يوسف شاخت " في مادة " أصول " من دائرة المعارف الاسلامية، والمستشرق الدانماركي " بوهل " الأستاذ في جامعة لايبزيك في مختصر دائرة المعارف الاسلامية، بعد تقديم مقدمات يصور الأسطورة على أنها حقيقة، والبرفسور " مونتغمري واط " الأستاذ في العلوم الاسلامية ورئيس قسم اللغة العربية في جامعة ادنبرغ في اسكتلندا في كتابه:
" محمد الرسول والسياسي ".
وكل هؤلاء زينوا الأسطورة وأوردوها بصورة تحليل وتحقيق علمي مع