يكن ينبغي في هذه القصة أن ينزل الله فيها آيات يبرئ فيها مارية ويصحح نسب إبراهيم من النبي (ص) فإنه كان أهم للنبي (ص) الذي كان ينحصر ولده يومذاك بإبراهيم؟ إلا فيما إذا قلنا إن المقذوفين كانا علجا وعلجة ولا يهم أمرهما وامر ابن علجة بقدر ما يهم الامر لو كانوا من أرومة سادة قريش وبيت الخلافة.
وإذا رجعنا إلى كتب الحديث والتفسير بمدرسة أهل البيت وجدنا في روايات متعددة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ولده الإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الرضا عليهم السلام ما موجزه:
ان ملك القبط أهدى إلى الرسول (ص) غلاما يدعى جريج وجارية تدعى مارية القبطية، فأسلما وحسن اسلامهما. فضم الرسول (ص) الجارية إليه فولدت له إبراهيم فكان بحبهما حبا شديدا وأصبح سببا لحسد أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين حفصة حتى قالتا مع أبويهما للرسول (ص): ان إبراهيم ليس بابنك؟!
بل هو ولد الغلام جريج ونحن نشهد على ذلك. وعلى الرغم من علم الرسول (ص) بكذب الشهادة والتهمة لما كان يلهمه من أثر في النفوس أراد أن يظهر الامر ويبين الحقيقة لأصحابه فأمر عليا - وهو غاضب - أن يذهب ويقتل الغلام جريجا، وقال له: إذا بان لك أن الامر على غير ما قيل فلا تتعرض له بسوء.
فذهب الإمام علي (ع) إلى جريج شاهرا سيفه، ففر جريج من خوفه وتسلق شجرة فتبعه الإمام علي فأهوى جريج بنفسه على الأرض فانحسر ثوبه عن رجليه فبأن لعلي أنه ممسوح، فاتى به الرسول (ص) وعرضه عليه ما رأى منه.
فأحضر الرسول (ص) أصحابه فشاهدوا الغلام وانكشف أمرهم وبطلت تهمتهم.
فجاءوا إلى الرسول (ص) يطلبون المغفرة... الحديث فنزلت الآيات بتبرءة الجارية مارية وجريج عن التهمة التي اتهما بها (1)