ألم يبلغك قوله صلى الله عليه وآله لأصحابه: أقضاكم علي؟ قال: نعم قال: فإذا خالفت قوله ألم تخالف رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فاصفر وجه ابن أبي ليلى حتى عاد كالأترجة ولم يحر جوابا (1).
وروينا عن عمر بن أذينة وكان من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: دخلت يوما على عبد الرحمن بن أبي ليلى بالكوفة وهو قاض فقلت: أردت أصلحك الله أن أسئلك عن مسائل وكنت حديث السن فقال: سل يا ابن أخي عما شئت، فقلت: أخبرني عنكم معاشر القضاة ترد عليكم القضية في المال والفرج و الدم فتقضي أنت فيها برأيك، ثم ترد تلك القضية بعينها على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك، وترد على قاضي البصرة وقضاة اليمن وقاضي المدينة فيقضون فيها بخلاف ذلك، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم فتخبرونه باختلاف قضاياكم فيصوب قول كل واحد منكم، وإلهكم واحد ونبيكم واحد ودينكم واحد فأمركم الله عز وجل بالاختلاف فأطعتموه؟ أم نهاكم عنه فعصيتموه؟ أم كنتم شركاء الله في حكمه فلكم أن تقولوا وعليه أن يرضي؟ أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بكم على إتمامه؟ أم أنزله الله تاما فقصر رسول الله صلى الله عليه وآله عن أدائه؟ أم ماذا تقولون؟ فقال: من أين أنت يا فتى؟ قلت: من أهل البصرة، قال: من أيها؟ قلت: من عبد القيس، قال: من أيهم؟ قلت: من بني أذينة قال: ما قرابتك من عبد الرحمن بن أذينة؟ قلت: هو جدي، فرحب لي وقربني وقال:
أي فنى لقد سألت فغلظت وانهمكت فعوصت وسأخبرك إنشاء الله، أما قولك في اختلاف القضايا فإنه ما ورد علينا من أمر القضايا مما له في كتاب الله أصل وفي سنة نبيه فليس لنا أن نعدو الكتاب والسنة، وما ورد علينا ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله فانا نأخذ فيه برأينا، قلت: ما صنعت شيئا لان الله عز وجل يقول:
" ما فرطنا في الكتاب من شئ "، وقال: " وفيه تبيان كل شئ " أرأيت لو أن رجلا عمل بما أمره الله به وانتهى عما نهاه الله عنه أبقي لله شئ يعذبه عليه إن لم يفعله