ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته، ورجل قمش جهلا موضع في جهال الأمة، غار في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه أشباه الناس عالما وليس به، بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن، واكتنز من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، فان نزلت به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، وإن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل خباط جهالات، عاش ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع، يذرى الروايات إذراء الريح الهشيم، لا ملئ والله باصدار ما ورد عليه، لا يحسب العلم في شئ مما أنكره، ولا يرى أن من وراه ما بلغ منه مذهبا لغيره، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به، لما يعلم من جهل نفسه، تصرخ من جور قضائه الدماء، وتعج منه المواريث إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا، ويموتون ضلالا، ليس فيهم سلعة أبور من كتاب الله إذا تلى حق تلاوته، ولا سلعة أنفق بيعا ولا أغلى ثمنا منه إذا حرف عن مواضعه، ولا عندهم أنكر من المعروف، ولا أعرف من المنكر (1).
22 - نهج البلاغة: في عهده عليه السلام للأشتر رضي الله عنه: ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور، ولا يمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفئ إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، أوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلهم تبرما بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشف الأمور، وأصرمهم عند إيضاح الحكم، ممن لا يزدهيه إطراء، ولا يستميله إغراء، وأولئك قليل، ثم أكثر تعاهد قضائه، وافسح له في البذل مما يزيح علته، وتقل معه حاجته إلى الناس وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك، ليأمن بذلك اغتيال