بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٨ - الصفحة ١٦٤
أيضا وإن لم يبعد تجويز التيمم والصلاة لادراك فضل الجماعة، لا سيما الجماعة المشتملة على تلك الكثرة العظيمة الواقعة في مثل هذا اليوم الشريف، لكن لم أر قائلا به وهذا الاشكال عن خبر النوادر مندفع، والأحوط الفعل والإعادة في الجمعة.
27 - النوادر: بالاسناد المتقدم عنه عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام:
يجوز التيمم بالجص والنورة، ولا يجوز بالرماد، لأنه لم يخرج من الأرض فقيل له: أيتيمم بالصفا البالية على وجه الأرض؟ قال: نعم (1).
توضيح: أما عدم جواز التيمم بالرماد فلا خلاف فيه إذا كان مأخوذا من الشجر والنبات، وهو الظاهر من الرواية، للتعليل بأنه لم يخرج من الأرض أي لم يحصل منها، ويؤيده أنه روى الشيخ (2) مثل هذه الرواية عن السكوني عنه عليه السلام وزاد في آخره: إنما يخرج من الشجرة.
وأما النورة والجص قبل الاحراق فيجوز التيمم بهما من يجوز التيمم بالحجر، ومنع منه ابن إدريس لكونهما معدنا وهو ضعيف، وشرط الشيخ في النهاية في جواز التيمم بهما فقد التراب، وأما النورة والجص بعد الاحراق فالمشهور المنع من التيمم بهما، لعدم صدق اسم الأرض عليهما، والمنقول عن المرتضى وسلار الجواز وهو الظاهر من الرواية بل الظاهر منها جواز التيمم بكل ما يحصل من الأرض كالخزف واختلفوا فيه، ولعل الجواز أقوى، والترك اختيارا أولى، وكذا الرماد الحاصل من التراب، وإن كان الحكم فيه أخفى، والأكثر فيه على عدم الجواز مع الخروج عن اسم الأرض (3).

(١) نوادر الراوندي ص ٥٠.
(٢) التهذيب ج ١ ص ٥٣.
(٣) قد عرفت أن الآية الشريفة أمر بتيمم الصعيد، وأن المراد بالصعيد ليس هو الا الغبار المرتفع من الأرض، وإنما أمروا عليهم السلام بضرب الكفين على الأرض ليتحقق مفهوم التيمم، وهو طلب الصعيد فإنه لا يحصل على الكفين الا بضربهما على الأرض ليثور الغبار ويلصق بهما، ولو صح التيمم بالخزف المطبوخ أو الصفاة قبل أن تبلى أو الصخرة الملساء، لما كان لضرب اليد عليها وجه، الا أن يكون عليها غبار تعلو بضرب اليد عليها كما في الصفا البالية وهو الطين المتحجر من صفوة الأرض ينجمد بعد انحسار الماء عن وجهها.
ولو كانت الصفاة بمعنى الصخرة كما توهم لما وصفت في الحديث بالبالية، فان الصخرة لا تبلى، ولما وصفها الفيروزآبادي بقوله: " الصفاة الحجر الصلد الضخم لا ينبت " فان الصلد هو الأرض المتحجرة التي لا تنبت، ولذلك قالوا رأس صلد أي لا ينبت، وجبين صلد أي صلب، وفرس صلد اي لا يعرق.
ومنه قولهم " فلان لا تندى صفاته " أي بخيل لا يسمح بشئ، والمراد بالصفاة هذه الراووق المتخذ من الطين الحر الصلب كالخزف ولذلك وصفت بعدم النداوة والرش، و لو كانت بمعنى الصخرة لما كان ينتظر منه الرش والندى.
وأما الجص والنورة والرماد فكلها يمكن أن يكون صعيدا ثائرا هائجا، وهو ظاهر، الا أن قوله تعالى: " صعيدا طيبا " يخص التيمم بالتراب الخالص الذي يخرج نباته بإذن الله دون النورة والجص والسبخة والرمل والرماد لأنها لا تنبت، وقد وصف الرماد في قوله تعالى " فتصبح صعيدا زلقا " و " انا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " بكونه زلقا جرزا خرج عن كونه طيبا نابتا.
وعلى ذلك فتوى الأصحاب وروايات الباب، أما الرماد فظاهر، وأما النورة و الجص والسبخة والرمل وأمثالها فهي معادن فلا يجوز التيمم بها اجماعا، وما ورود من رواية السكوني وهي أصل هذا الخبر المروى في النوادر فلا يعبأ بها لضعفها ومعارضتها الاجماع.
وأما استناد بعض الفقهاء بقوله صلى الله عليه وآله: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " وأن اسم الأرض يقع على الحجر والمدر والتراب كلها ففيه أن الحجر إن كان بمعنى الأرض الصلب الصلد، فلا بأس به، من حيث اطلاق اسم الأرض عليه، الا أنه يقيد اطلاقها بقرينة لفظ الصعيد في القرآن العزيز، ولذلك ورد التصريح بالتراب في بعض الأحاديث ولفظه: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ".
وأما إذا كان بمعنى الصخرة وما هو من جنسها كالحصا والرمل، فليس بصحيح، فان الأرض في أصل اللغة هو ما نسميه بالفارسية خاك - زمين، فلا يطلق على الجبل وما أزيل منه كالصخرة والجندل والحصا والرمل، كما أنها لا تطلق على المياه وقد استوعب ثلاثة أرباع الأرض فقولهم: الأرض ما قابل السماء ليس الا على التسامح العرفي، والا فثلاثة أرباع السماء لا يقابلها الا الماء.
على أن القرآن العزيز استعمل كلمة الأرض في أكثر من 460 موضعا وكلها تنادي بأن الأرض يقابل الحجر، فقد وصفت الأرض في بعضها بالاحياء والإماتة والإثارة و الانبات والتمديد والرحب والسعة والاهتزاز والربا والتفجير ونقص أطرافها وخسفها بالناس، وكونها مهادا ومهدا وسطحا وفراشا وبساطا وكفاتا وذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور، ولا يليق شئ منها بالحجر.
واما في بعضها الاخر، فقد جعلت الأرض في مقابل الجبل والصخرة صريحا كما في قوله تعالى: " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض " الرعد: 31 " تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا " مريم: 90 " وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة " الحاقة: 14 " يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا " المزمل: 14 " وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا " الرعد: 3 ومثله في الحجر: 19، ق: 7، النحل، 15، الأنبياء: 31، لقمان: 10.
وهكذا قوله تعالى: " انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا " أسرى: 37 " يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة " الكهف: 47 " أم من جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا " النمل: 61 " يا بنى انها ان تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض " لقمان: 16 " انا عرضنا الأمانة على السماوات و الأرض والجبال فأبين أن يحملنها " الأحزاب: 72. ففي كلها قابلت الأرض الجبال كما قابلت المياه، وعد كل منها شيئا على حدته.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب الأغسال واحكامها * * الباب الأول * علل الأغسال وثوابها وأقسامها وواجبها ومندوبها، جوامع أحكامها 1
3 العلة التي من أجلها أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة، ولم يأمر من البول والغائط 1
4 علة غسل العيد والجمعة والميت 3
5 في تعداد الأغسال 5
6 في من مس ميتا 15
7 الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان 16
8 الأغسال المندوبة 22
9 * الباب الثاني * جوامع أحكام الأغسال الواجبة والمندوبة وآدابها 25
10 في قوم يكونون في السفر وكان لهم ميت وجنب 25
11 في أن لكل غسل وضوء ما خلا غسل الجنابة 27
12 في تداخل الأغسال 29
13 في رجل اجتمع عليه عشرون غسلا فرض وسنة ومستحب وتعداده 30
14 * الباب الثالث * وجوب غسل الجنابة وعلله وكيفيته وأحكام الجنب وفيه: آيات و: أحاديث 33
15 تفسير قوله تعالى: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى... ولا جنبا إلا عابري سبيل " وذيل الصفحة ما يناسب ذلك 33
16 الدعاء عند الغسل 40
17 في عدم جواز لبث الجنب والحايض في المساجد 45
18 خمس خصال تورث البرص 49
19 في البول بعد الجنابة 50
20 في كيفية الغسل وفي الذيل ما يناسب ويتعلق بها 53
21 حكم البلل الخارج بعد الغسل من الرجل والمرأة 69
22 * الباب الرابع * غسل الحيض والاستحاضة والنفاس، وعللها وآدابها وأحكامها، وفيه: آيتان، و: أحاديث 74
23 معنى قوله تعالى: " يسئلونك عن المحيض " ومعنى المحيض وفي الذيل ما يتعلق به 74
24 فيما قاله الشيخ بهاء الدين رحمه الله في معنى الآية 77
25 أقل أيام الحيض وأكثرها، وأن أول من طمثت من بنات الأنبياء عليهم السلام سارة 81
26 معنى المحرر المسجد 84
27 أيام النفاس وأكثرها 86
28 الحيض والحمل 93
29 * الباب الخامس * فضل غسل الجمعة وآدابها وأحكامها 122
30 في أن غسل الجمعة مستحب، وذهب الصدوقان إلى الوجوب 122
31 * الباب السادس * التيمم وآدابه وأحكامه، وفيه: آيات، و: أحاديث 131
32 فيمن وجد من الماء مالا يكفيه للطهارة 134
33 الأقوال في كيفية التيمم 141
34 وقت التيمم 146
35 في عدد الضربات في التيمم 150
36 في جواز التيمم بالجص والنورة ولا يجوز بالرماد، وفيه: توضيح، وفي الذيل تأييد وتوجيه والبحث في الحجر 164
37 * أبواب الجنايز ومقدماتها ولواحقها * * الباب الأول * فضل العافية والمرض وثواب المرض وعلله وأنواعه 170
38 خمس خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش زايل العقل 171
39 قصة رجل مريض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وقوله قل: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار 174
40 في الحمى وما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل أتعرف أم ملدم 176
41 معنى قوله تعالى: " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " وأن الله تعالى يخص أولياءه بالمصائب 180
42 فيما كان للمريض. 184
43 فيما قاله أمير المؤمنين عليه السلام لبعض أصحابه في علة اعتلها 189
44 في أن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه 196
45 * الباب الثاني * آداب المريض وأحكامه وشكواه وصبره وغيرها 202
46 في أن الشكاية أن بليت بما لم يبل به أحد، وأن آه، اسم من أسماء الله عز وجل 202
47 في قول الصادق عليه السلام: ذكرنا أهل البيت شفاء 203
48 دعاء المريض لنفسه 212
49 * الباب الثالث * في الطاعون والفرار منه وممن ابتلى به وموت الفجأة، وفيه: حديثان 213
50 في قول النبي صلى الله عليه وآله: موت الفجأة رحمة للمؤمنين وعذاب للكافرين 213
51 * الباب الرابع * ثواب عيادة المريض وآدابها وفضل السعي في حاجته وكيفية معاشرة أصحاب البلاء 214
52 في قول النبي صلى الله عليه وآله: ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا أذان ولا إقامة ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة ولا تقيم عند قبر 215
53 فيما ينبغي للمريض 218
54 الدعاء للمريض 225
55 ثواب من عاد مريضا 225
56 * الباب الخامس * آداب الاحتضار وأحكامه 230
57 في كراهة حضور الحائض والجنب عند الاحتضار 230
58 قصة شاب حضره رسول الله صلى الله عليه وآله عند وفاته وكان له أم ساخطة 232
59 في أن فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ستين يوما، وتلقين الميت 233
60 في قراءة سورة والصافات عند المحتضر 238
61 في حضور الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام عند المؤمن المحتضر 244
62 * الباب السادس * تجهيز الميت وما يتعلق به من الاحكام 247
63 في الغريق والمصعوق والمبطون والمهدوم والمدخن 248
64 العلة التي من أجلها دفنت عليها السلام بالليل، وقصة أسماء بنت عميس و فاطمة عليها السلام وأنها من جعل القصاصين، ذيل الصفحة 250
65 في وفاة فاطمة عليها السلام وما جرى بعدها 254
66 * الباب السابع * تشييع الجنازة وسننه وآدابه 257
67 ثواب من شيع جنازة ومن صلى على ميت 257
68 الدعاء في رؤية الجنازة، وآداب تشييع الجنازة 262
69 في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع ردائه في جنازة سعد بن معاذ، وما يستحب لصاحب المصيبة 269
70 في القيام عند مرور الجنازة والأقوال فيه 272
71 آداب حمل الجنازة 276
72 * الباب الثامن * وجوب غسل الميت وعلله وآدابه وأحكامه 285
73 العلة التي من أجلها يغسل الميت 285
74 في كيفية غسل الميت 288
75 فيما يجب في غسل الميت 291
76 في غسل من كان مخالفا للحق في الولاية، والخوارج، والغلاة، والنواصب، والمجسمة 298
77 في تغسيل كل من الزوجين الآخر، وإذا مات الميت وليس معها ذو محرم 300
78 في غسل الصبي والصبية، وأن عليا عليه السلام غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 306
79 في أن الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم عليهم السلام والعباس وسلمان وعمارا والمقداد وأبا ذر وحذيفة وأم سلمة وأم أيمن وفضة رضي الله تعالى - عنهم كانوا حاضرا في تجهيز فاطمة عليها السلام 310
80 * الباب التاسع * التكفين وآدابه وأحكامه 311
81 في الحنوط 312
82 في الجريدتين ومحلهما 314
83 الأقوال في حد الواجب من الكفن 319
84 فيما يكتب بالكفن 327
85 دعاء الجوشن المشهور بدعاء الجوشن الكبير 331
86 أحاديث في فاطمة عليها السلام وغسلها وكفنها ودفنها في ذيل الصفحة 335
87 * الباب العاشر * وجوب الصلاة على الميت وعللها وآدابها وأحكامها 339
88 تحقيق وتفصيل في الصلاة على غير المؤمن 339
89 العلة التي من أجلها جعلت للميت خمس تكبيرات 343
90 في صلاة النبي صلى الله عليه وآله على فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها 350
91 في كيفية صلاة الميت 352
92 في الصلاة على الطفل 359
93 في شرعية اللحد ووجوب ستر عورة الميت عند الصلاة وتقديم الكفن على الصلاة 383
94 في صفوف صلاة الميت 387
95 قصة مغيرة بن أبي العاص عم عثمان، وما فعل له عثمان، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه: لعن الله من أعطاه راحلة أو رحلا أو قتبا أو سقاء أو قربة أو دلوا أو خفا أو نعلا أو زادا أو ماء، فأعطاها كلها عثمان، وأن عثمان قتل بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 391
96 في نيف وسبعين رجلا دخلوا سر من رأى للتهنئة بمولد المهدي (عج) 395