بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٨ - الصفحة ٣٣٥
رطبتين طول كل واحدة قدر عظم الذراع (1).
وقال الصادق عليه السلام: السنة في الكافور للميت وزن ثلاثة عشر درهما وثلث، والعلة في ذلك أن جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله بأوقية كافور من الجنة، فجعلها النبي صلى الله عليه وآله ثلاث أثلاث: ثلثا له، وثلثا لعلي، وثلثا لفاطمة، فمن لم يقدر على وزن ثلاثة عشر درهما وثلث كافورا، حنط الميت بأربعة دراهم، فإن لم يقدر فمثقال واحدة لا أقل. منه لمن وجده (2).
36 مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن فاطمة عليها السلام كفنت في سبعة أثواب.
وعن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن المنكدر أن عليا عليه السلام كفن فاطمة عليها السلام في سبعة أثواب.
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: لما حضرت فاطمة الوفاة دعت بماء فاغتسلت ثم دعت بطيب فتحنطت به ثم دعت بأثواب كفنها فأتيت بأثواب غلاظ خشنة، فتلففت بها، ثم قالت: إذا أنا مت فادفنوني كما أنا ولا تغسلوني، فقلت:
هل شهد معك ذلك أحد؟ قال: نعم شهد كثير بن عباس، وكتب في أطراف كفنها كثير بن عباس: " تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " صلى الله عليه وآله (3).

(١) الهداية ص ٢٣ ط الاسلامية.
(٢) الهداية ص ٢٥.
(٣) روى مثله الشيخ في أماليه ج ٢ ص ١٥ عن ابن حمويه قال: حدثنا أبو الحسين قال: حدثنا أبو خليفة قال: حدثنا العباس بن الفضل قال: حدثنا محمد بن أبي رجاء أبو سليمان، عن إبراهيم بن سعد، عن أبي إسحاق، عن أبي عبد الله بن علي بن أبي رافع عن أبيه، عن سلمى امرأة أبى رافع قالت: مرضت فاطمة عليها السلام فلما كان اليوم الذي ماتت فيه قالت: هيئي لي ماء، فصببت لها فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل، ثم قالت:
ائتني بثياب جدد، فلبستها، ثم أتت البيت الذي كانت فيه فقالت: افرشي لي في وسطه ثم اضطجعت واستقبلت القبلة ووضعت يدها تحت خدها وقالت: اني مقبوضة الان، فلا أكشفن فاني قد اغتسلت، قالت: وماتت، فلما جاء علي عليه السلام أخبرته، فقال: لا تكشف، فحملها يغسلها عليها السلام، انتهى.
ولعل الظاهر من لفظ الحديث في آخره أن المراد من قولها صلوات الله عليها " فلا أكشفن فاني قد اغتسلت " أن لا يكشف عنها ثيابها، فيبدو جثتها النحيفة الناحلة، ولذلك حملها علي عليه السلام وغسلها من وراء الثياب، وقد أخرج المؤلف العلامة المجلسي هذا الحديث في تاريخها ج (٤٣ ص ١٧٢ البحار الحديثة) وقال في بيانه: لعلها عليها السلام إنما نهت عن كشف العورة والجسد للتنظيف، ولم تنه عن الغسل. انتهى.
وروى ابن شهرآشوب في المناقب ج ٣ ص ٣٦٤ عن ابن حمويه وابن حنبل وابن بطة بأسانيدهم قالت سلمى امرأة أبي رافع: اشتكت فاطمة شكواها التي قبضت فيها وكنت أمرضها فأصبحت يوما أسكن ما كانت فخرج علي (ع) إلى بعض حوائجه، فقالت: اسكبي لي غسلا فسكبت، فقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ثم لبست أثوابها الجدد ثم قالت: افرشي فراشي وسط البيت ثم استقبلت القبلة ونامت وقالت: أنا مقبوضة، وقد اغتسلت فلا يكشفني أحد، ثم وضعت خدها على يدها وماتت.
ونقله ابن بابويه على ما في كشف الغمة ج ٢ ص ٦٤ قال: روى مرفوعا إلى سلمى أم بنى رافع - وساق الحديث إلى قولها - ثم قالت عليها السلام: انى قد فرغت من نفسي فلا أكشفن اني مقبوضة الان ثم توسدت يدها اليمنى واستقبلت القبلة وقضت، فجاء علي عليه السلام ونحن نصيح، فسأل عنها فأخبرته، فقال: إذا والله لا تكشف، فاحتملت في ثيابها فغيبت.
وقال الأربلي بعد نقل الحديث: أقول: ان هذا الحديث قد رواه ابن بابويه - ره - كما ترى، وقد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن سلمى قالت - وساق الحديث إلى قولها - " فجاء علي فأخبرته " ثم قال:
واتفاقهما من طرق الشيعة والسنة على نقله، مع كون الحكم على خلافه عجيب، فان الفقهاء من الطريقين لا يجيزون الدفن الا بعد الغسل الا في مواضع ليس هذا منه، فكيف رويا هذا الحديث ولم يعللاه ولا ذكرا فقهه ولا نبها على الجواز ولا المنع، ولعل هذا أمر يخصها عليها السلام، وإنما استدل الفقهاء على أنه يجوز للرجل أن يغسل زوجته، بأن عليا غسل فاطمة عليهما السلام وهو مشهور.
أقول: هذا الحديث مع كونه مرفوعا يناقض الاخبار القطعية من أن عليا عليه السلام غسلها ودفنها في البيت، ولا يجرى فيه ما ذكرناه قبلا في حديث الأمالي كما لا يجرى في حديث المتن المنقول من مصباح الأنوار.
بل ويظهر من قولها " فاحتملت في ثيابها فغيبت " في حديث ابن بابويه، أن قولها في حديث الأمالي " فحملها يغسلها " مصحف عن قولها " فحملها فغيبها " والمراد أنه عليها السلام حملها إلى البقيع ودفنها، والا فلا معنى لحملها من وسط البيت إلى خارج البيت لتغسل ولم يكن لهما الا بيت واحد.
ومما يسلم هذا هو حديث المصباح حيث قال: " فاغتسلت ثم دعت بطيب فتحنطت به ثم دعت بأثواب كفنها فتلفقت بها ثم قالت: إذا أنامت فادفنوني كما أنا ولا تغسلوني " الخ فلو كان المراد بالغسل النظافة لئلا يكشف قميصها فما معنى الحنوط وأثواب الكفن وقولها " ادفنوني كما أنا ولا تغسلوني "؟.
وعندي أن هذا الحديث وسائر ما قيل في كيفية غسلها ودفنها من أساطير القصاصين، حيث كان تجهيزها خفية بحيث لم يشعر بذلك أحد الا بعد غد، وكل من سئل عن كيفية ذلك - ولم يكن ليعترف بجهله - اختلق حديثا ورواه للناس، فبعض ذكر أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر، وقد عرفت ما فيه ص ٢٥٠ - ٢٥٢ وبعض ذكر سلمى امرأة أبي رافع وأتى بهذه العجيبة: وهي وصيتها أن لا تكشف وتوارى كما هي، وحاشا فاطمة صلوات الله عليها أن تجهل أن الغسل إنما يجب بسبب الموت وفيضان النفس، وحاشا عليا صلوات الله عليه أن يواريها من دون دفن، ويخالف بذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله.
وراوي المصباح زاد على ذلك الحنوط، وأن كثير بن عباس كتب في أطراف كفنها صلوات الله عليها أنها " تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " وقد ذهب عليه أن كثيرا ابن العباس ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بأشهر في سنة عشر من الهجرة، نص على ذلك ابن عبد البر في الاستيعاب وابن الأثير في أسد الغابة، فكيف كان كاتبا ولم يكن له عند وفاتها الا سنة؟.
فبعد ما صح أن عليا عليه السلام غسلها ودفنها في بيتها ليلا حفية من الناس لا عبرة بهذه الأحاديث المختلقة وما شابهها، ولا حاجة لتوجيهها وتأويلها، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب الأغسال واحكامها * * الباب الأول * علل الأغسال وثوابها وأقسامها وواجبها ومندوبها، جوامع أحكامها 1
3 العلة التي من أجلها أمر الله تعالى بالاغتسال من الجنابة، ولم يأمر من البول والغائط 1
4 علة غسل العيد والجمعة والميت 3
5 في تعداد الأغسال 5
6 في من مس ميتا 15
7 الليالي التي يستحب فيها الغسل في شهر رمضان 16
8 الأغسال المندوبة 22
9 * الباب الثاني * جوامع أحكام الأغسال الواجبة والمندوبة وآدابها 25
10 في قوم يكونون في السفر وكان لهم ميت وجنب 25
11 في أن لكل غسل وضوء ما خلا غسل الجنابة 27
12 في تداخل الأغسال 29
13 في رجل اجتمع عليه عشرون غسلا فرض وسنة ومستحب وتعداده 30
14 * الباب الثالث * وجوب غسل الجنابة وعلله وكيفيته وأحكام الجنب وفيه: آيات و: أحاديث 33
15 تفسير قوله تعالى: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى... ولا جنبا إلا عابري سبيل " وذيل الصفحة ما يناسب ذلك 33
16 الدعاء عند الغسل 40
17 في عدم جواز لبث الجنب والحايض في المساجد 45
18 خمس خصال تورث البرص 49
19 في البول بعد الجنابة 50
20 في كيفية الغسل وفي الذيل ما يناسب ويتعلق بها 53
21 حكم البلل الخارج بعد الغسل من الرجل والمرأة 69
22 * الباب الرابع * غسل الحيض والاستحاضة والنفاس، وعللها وآدابها وأحكامها، وفيه: آيتان، و: أحاديث 74
23 معنى قوله تعالى: " يسئلونك عن المحيض " ومعنى المحيض وفي الذيل ما يتعلق به 74
24 فيما قاله الشيخ بهاء الدين رحمه الله في معنى الآية 77
25 أقل أيام الحيض وأكثرها، وأن أول من طمثت من بنات الأنبياء عليهم السلام سارة 81
26 معنى المحرر المسجد 84
27 أيام النفاس وأكثرها 86
28 الحيض والحمل 93
29 * الباب الخامس * فضل غسل الجمعة وآدابها وأحكامها 122
30 في أن غسل الجمعة مستحب، وذهب الصدوقان إلى الوجوب 122
31 * الباب السادس * التيمم وآدابه وأحكامه، وفيه: آيات، و: أحاديث 131
32 فيمن وجد من الماء مالا يكفيه للطهارة 134
33 الأقوال في كيفية التيمم 141
34 وقت التيمم 146
35 في عدد الضربات في التيمم 150
36 في جواز التيمم بالجص والنورة ولا يجوز بالرماد، وفيه: توضيح، وفي الذيل تأييد وتوجيه والبحث في الحجر 164
37 * أبواب الجنايز ومقدماتها ولواحقها * * الباب الأول * فضل العافية والمرض وثواب المرض وعلله وأنواعه 170
38 خمس خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش زايل العقل 171
39 قصة رجل مريض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وقوله قل: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار 174
40 في الحمى وما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله لرجل أتعرف أم ملدم 176
41 معنى قوله تعالى: " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " وأن الله تعالى يخص أولياءه بالمصائب 180
42 فيما كان للمريض. 184
43 فيما قاله أمير المؤمنين عليه السلام لبعض أصحابه في علة اعتلها 189
44 في أن المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه 196
45 * الباب الثاني * آداب المريض وأحكامه وشكواه وصبره وغيرها 202
46 في أن الشكاية أن بليت بما لم يبل به أحد، وأن آه، اسم من أسماء الله عز وجل 202
47 في قول الصادق عليه السلام: ذكرنا أهل البيت شفاء 203
48 دعاء المريض لنفسه 212
49 * الباب الثالث * في الطاعون والفرار منه وممن ابتلى به وموت الفجأة، وفيه: حديثان 213
50 في قول النبي صلى الله عليه وآله: موت الفجأة رحمة للمؤمنين وعذاب للكافرين 213
51 * الباب الرابع * ثواب عيادة المريض وآدابها وفضل السعي في حاجته وكيفية معاشرة أصحاب البلاء 214
52 في قول النبي صلى الله عليه وآله: ليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا أذان ولا إقامة ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة ولا تقيم عند قبر 215
53 فيما ينبغي للمريض 218
54 الدعاء للمريض 225
55 ثواب من عاد مريضا 225
56 * الباب الخامس * آداب الاحتضار وأحكامه 230
57 في كراهة حضور الحائض والجنب عند الاحتضار 230
58 قصة شاب حضره رسول الله صلى الله عليه وآله عند وفاته وكان له أم ساخطة 232
59 في أن فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ستين يوما، وتلقين الميت 233
60 في قراءة سورة والصافات عند المحتضر 238
61 في حضور الرسول صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام عند المؤمن المحتضر 244
62 * الباب السادس * تجهيز الميت وما يتعلق به من الاحكام 247
63 في الغريق والمصعوق والمبطون والمهدوم والمدخن 248
64 العلة التي من أجلها دفنت عليها السلام بالليل، وقصة أسماء بنت عميس و فاطمة عليها السلام وأنها من جعل القصاصين، ذيل الصفحة 250
65 في وفاة فاطمة عليها السلام وما جرى بعدها 254
66 * الباب السابع * تشييع الجنازة وسننه وآدابه 257
67 ثواب من شيع جنازة ومن صلى على ميت 257
68 الدعاء في رؤية الجنازة، وآداب تشييع الجنازة 262
69 في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع ردائه في جنازة سعد بن معاذ، وما يستحب لصاحب المصيبة 269
70 في القيام عند مرور الجنازة والأقوال فيه 272
71 آداب حمل الجنازة 276
72 * الباب الثامن * وجوب غسل الميت وعلله وآدابه وأحكامه 285
73 العلة التي من أجلها يغسل الميت 285
74 في كيفية غسل الميت 288
75 فيما يجب في غسل الميت 291
76 في غسل من كان مخالفا للحق في الولاية، والخوارج، والغلاة، والنواصب، والمجسمة 298
77 في تغسيل كل من الزوجين الآخر، وإذا مات الميت وليس معها ذو محرم 300
78 في غسل الصبي والصبية، وأن عليا عليه السلام غسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 306
79 في أن الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم عليهم السلام والعباس وسلمان وعمارا والمقداد وأبا ذر وحذيفة وأم سلمة وأم أيمن وفضة رضي الله تعالى - عنهم كانوا حاضرا في تجهيز فاطمة عليها السلام 310
80 * الباب التاسع * التكفين وآدابه وأحكامه 311
81 في الحنوط 312
82 في الجريدتين ومحلهما 314
83 الأقوال في حد الواجب من الكفن 319
84 فيما يكتب بالكفن 327
85 دعاء الجوشن المشهور بدعاء الجوشن الكبير 331
86 أحاديث في فاطمة عليها السلام وغسلها وكفنها ودفنها في ذيل الصفحة 335
87 * الباب العاشر * وجوب الصلاة على الميت وعللها وآدابها وأحكامها 339
88 تحقيق وتفصيل في الصلاة على غير المؤمن 339
89 العلة التي من أجلها جعلت للميت خمس تكبيرات 343
90 في صلاة النبي صلى الله عليه وآله على فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها 350
91 في كيفية صلاة الميت 352
92 في الصلاة على الطفل 359
93 في شرعية اللحد ووجوب ستر عورة الميت عند الصلاة وتقديم الكفن على الصلاة 383
94 في صفوف صلاة الميت 387
95 قصة مغيرة بن أبي العاص عم عثمان، وما فعل له عثمان، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حقه: لعن الله من أعطاه راحلة أو رحلا أو قتبا أو سقاء أو قربة أو دلوا أو خفا أو نعلا أو زادا أو ماء، فأعطاها كلها عثمان، وأن عثمان قتل بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم 391
96 في نيف وسبعين رجلا دخلوا سر من رأى للتهنئة بمولد المهدي (عج) 395