الجر أكثر.
فمندفع لبعد هذا الاحتمال كما عرفت، وقرب الحمل على التبعيض، و تبادره إلى الذهن، وان سلمنا استلزامه حمل الصعيد على المعني المجازي، فارتكاب هذا المجاز أولى لما عرفت.
فظهر أن ظاهر الآية موافق لما ذهب إليه ابن الجنيد، من اشتراط علوق شئ من التراب بالكفين ليمسح به، ويتأيد بذلك ما ذهب إليه المفيد وأتباعه من عدم جواز التيمم بالحجر.
وقد ختم سبحانه الآية الأولى بقوله: " إن الله كان عفوا رحيما " ويفهم منه التعليل لما سبقه من ترخيص ذوي الأعذار في التيمم فهو واقع موقع قوله جل شأنه في الآية الثانية " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج " يعني أن من عادته العفو عنكم، والمغفرة لكم، فهو حقيق بالتسهيل عليكم والتخفيف عنكم.
وقد اختلف المفسرون في المراد من التطهير في قوله: " ولكن يريد ليطهركم " قيل: المراد به التطهير من الحدث بالتراب، عند تعذر استعمال الماء وقيل تنظيف الأبدان بالماء فهو راجع إلى الوضوء والغسل، وقيل المراد التطهير من الذنوب بما فرض من الوضوء والغسل والتيمم، ويؤيده ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الوضوء يكفر ما قبله، وقيل المراد تطهير القلب عن التمرد من طاعة الله سبحانه، لان إمساس هذه الأعضاء بالماء والتراب لا يعقل له فائدة إلا محض الانقياد والطاعة.
وقوله تعالى: " وليتم نعمته عليكم " أي بما شرعه لكم مما يتضمن تطهير أجسادكم أو قلوبكم، أو تكفير ذنوبكم، واللامات في الافعال الثلاثة للتعليل، ومفعول يريد محذوف في الموضعين، وقوله تعالى: " ولعلكم تشكرون " أي على نعمائه المتكاثرة التي من جملتها ما يترتب على ما شرعه في هذه الآية الكريمة أو لعلكم تؤدون شكره بالقيام بما كلفكم به فيها. والله يعلم.
ثم اعلم أنه يمكن أن يكون الحكمة في تكرار حكم التيمم في الكتاب