ولم يحدا في التيمم بشئ، فوجب استيعاب ما يصدق عليه اليد، وهذا القول مما انعقد إجماع الأمة على خلافه.
وكلمة " من " في قوله سبحانه " منه " في الآية الثانية، تحتمل أربعة أوجه:
الأول أنها لابتداء الغاية، والضمير عائد إلى الصعيد، فالمعنى أن المسح يبتدي من الصعيد أو من الضرب عليه.
الثاني للسببية وضمير " منه " للحدث المفهوم من الكلام السابق. كما يقال تيممت من الجنابة، وكقوله تعالى " مما خطيئاتهم أغرقوا " (1) وقول الشاعر " وذلك من نبأ جاءني " وقول الفرزدق: " يغضي حياء ويغضى من مهابته " و يحتمل إرجاع الضمير إلى عدم وجدان الماء، وإلى المجموع.
ويرد عليه أنه خلاف الظاهر ومتضمن لارجاع الضمير إلى الابعد مع إمكان الارجاع إلى الأقرب، مع استلزامه أن يجعل لفظة " منه " تأكيدا لا تأسيسا إذ السببية تفهم من الفاء، ومن جعل المسح في معرض الجزاء، وتعليقه بالوصف المناسب المشعر بالعلية.
الثالث أنها للتبعيض، وضمير " منه " للصعيد، كما تقول أخذت من الدراهم وأكلت من الطعام.
الرابع أن تكون للبدلية كما في قوله تعالى: " أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة " (2) وقوله سبحانه: " لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون " (3) وقوله جل شأنه " لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا " (4) أي بدل طاعته أو رحمته وحينئذ يرجع الضمير إلى الماء، والمعنى فلم تجدوا ماء فتيمموا الصعيد بدل الماء، وهذا أيضا لا يخلو من بعد، مع أن قوما من النحاة أنكروا