فكنى عن الحدث بالمجئ من مكانه، وتسمية الفقهاء العذرة بالغائط من تسمية الحال باسم المحل، وقيل إن لفظة " أو " ههنا بمعنى الواو (1) والمراد والله أعلم أو كنتم مسافرين وجاء أحد منكم من الغائط.
" أو لامستم النساء " المراد جماعهن كما في قوله تعالى " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " واللمس والمس بمعنى كما قاله اللغويون، وسيأتي الاخبار في تفسير اللمس بالوطي، وقد نقل الخاص والعام عن ابن عباس أنه كان يقول: إن الله سبحانه حيي كريم يعبر عن مباشرة النساء بملامستهن، وذهب الشافعي إلى أن المراد مطلق اللمس لغير محرم، وخصه مالك بما كان عن شهوة وأما أبو حنيفة فقال: المراد الوطي لا المس.
وقوله تعالى " فلم تجدوا ماء " يشمل ما لو وجد ماء لا يكفيه للغسل وهو جنب أو للوضوء وهو محدث حدثا أصغر، فعند علمائنا يترك الماء وينتقل فرضه إلى التيمم وقول بعض العامة يجب عليه أن يستعمله في بعض أعضائه ثم يتيمم لأنه واجد للماء ضعيف إذ وجوده على هذا التقدير كعدمه، ولو صدق عليه أنه واجد للماء لما جاز له التيمم كذا قيل.
وقال الشيخ البهائي قدس الله سره: للبحث فيه مجال، فقوله سبحانه " فلم تجدوا ماء " يراد به والله أعلم ما يكفي الطهارة، ومما يؤيد ذلك قوله تعالى في كفارة اليمين " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام " (2) أي فمن لم يجد إطعام عشرة مساكين ففرضه الصيام، وقد حكم الكل بأنه لو وجد إطعام أقل من عشرة لم يجب عليه ذلك، و انتقل فرضه إلى الصوم انتهى.
وقال الشهيد الثاني: ربما حكي عن الشيخ في بعض أقواله التبعيض، واحتمل العلامة في النهاية وجوب صرف الماء إلى بعض أعضاء الجنب، لجواز وجود ما يكمل طهارته