بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٧ - الصفحة ٤٤
جثة إما بتقدير مضاف أو بتأويله بالمشتق أو هو باق على المصدرية من غير إضمار طلبا للمبالغة، والحصر للمبالغة، والقصر إضافي من قصر الموصوف على الصفة نحو إنما زيد شاعر، وهو قصر قلب أي ليس المشركون طاهرين كما يعتقدون بل هم نجس.
واختلف المفسرون في المراد بالنجس هنا فالذي عليه علماؤنا هو أن المراد به النجاسة الشرعية، وأن أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير، وهو المنقول عن ابن عباس، وقيل: المراد خبث باطنهم وسوء اعتقادهم، وقيل: نجاستهم لأنهم لا يتطهرون من الجنابة ولا يجتنبون النجاسات (1) وقد أطبق علماؤنا على نجاسة من عدا اليهود والنصارى من أصناف الكفار وقال أكثرهم بنجاسة هذين الصنفين أيضا، والمخالف في ذلك ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد في المسائل الغرية.
واختلف في المراد بقوله تعالى: " فلا يقربوا المسجد الحرام " فقيل: المراد منعهم من الحج وقيل: منعهم من دخول الحرم، وقيل: من دخول المسجد الحرام خاصة، وأصحابنا على منعهم من دخوله ودخول كل مسجد، وإن لم تتعد نجاستهم إليه، والمراد بعامهم سنة تسع من الهجرة وهي السنة التي بعث النبي صلى الله عليه وآله فيها أمير المؤمنين عليه السلام لأخذ سورة براءة من أبي بكر وقراءتها على أهل الموسم فقرأها عليهم.
وفي الثالثة فسر الرجس أيضا بالنجس (2) ولعل النجاسة المعنوية هنا أظهر.

(١) بعد ما يقول الله عز وجل " انهم نجس فلا يقربوا المسجد " فيفرع على كونهم نجسا أن لا يقربوا المسجد الحرام، لا ريب في نجاستهم أعيانا، والحكم بابعادهم من المسجد الحرام لما سبق من حكم الله عز وجل لإبراهيم (ع) " أن طهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود ".
(٢) قال الله عز وجل: " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " فبعد ما أثبت لها عنوان الرجس فرع عليه وجوب الاجتناب كما فرع طرد المشركين من المسجد الحرام بعد ما أثبت لهم عنوان النجس، فكل ما كان رجسا بتسمية القرآن كان واجب الاجتناب، وهو عبارة أخرى عن النجاسة، فيثبت نجاسة المنافقين إذا كانوا معلومين بالنفاق، والنفاق ابطان الكفر، فيكون الكافر نجسا، وهكذا يصح الاستدلال بقوله تعالى: " إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس " المائدة: 90، حيث علل الحرمة بكون المذكورات من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير رجسا.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست