وقال الشهيد قدس الله روحه في قواعده: النية يعتبر فيها القربة، ودل عليها الكتاب والسنة، قال تعالى: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " (1) والاخلاص فعل الطاعة خالصة لله وحده وهنا غايات ثمان الأول الرياء ولا ريب في أنه مخل بالاخلاص فيتحقق الرياء بقصد مدح الرائي أو الانتفاع به أو دفع ضرره.
فان قلت فما تقول: في العبادة المشوبة بالتقية؟ قلت: أصل العبادة واقع على وجه الاخلاص، وما فعل منها تقية فان له اعتبارين بالنظر إلى أصله وهو قربة وبالنظر إلى ما طرء من استدفاع الضرر، وهو لازم لذلك، فلا يقدح في اعتباره أما لو فرض إحداث صلاة مثلا تقية فإنها من باب الرياء، الثاني قصد الثواب أو الخلاص من العقاب أو قصدهما معا الثالث فعلها شكرا لنعم الله تعالى واستجلابا لمزيده، الرابع فعلها حياء من الله تعالى الخامس فعلها حبا لله تعالى السادس فعلها تعظيما لله تعالى ومهابة وانقيادا وإجابة السابع فعلها موافقة لإرادته وطاعة لامره الثامن فعلها لكونه أهلا للعبادة. وهذه الغاية مجمع كل كون العبادة تقع بها معتبرة وهي أكمل مراتب الاخلاص وإليه أشار الإمام الحق أمير المؤمنين عليه السلام ما عبدتك طمعا في جنتك ولا خوفا من نارك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك.
وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الأصحاب بكون العبادة فاسدة (2) بقصدها وكذلك ينبغي أن يكون غاية الحياء والشكر، وباقي الغايات الظاهر أن قصدها مجزء لان الغرض بها الله في الجملة، ولا يقدح كون تلك الغايات باعثة على العبادة أعني الطمع والرجاء والشكر والحياء لان الكتاب والسنة مشتملة على المرهبات من الحدود، والتعزيرات والذم والايعاد بالعقوبات، وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل، والجنة ونعيمها في الاجل، وأما الحياء فغرض