يهدى فمالكم كيف تحكمون " (1) فلو جاز للأمة الأيتام بمن لا يعلم، أو بمن يجهل لم يقل إبراهيم عليه السلام لأبيه " لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا " (2).
فالناس أتباع من اتبعوه من أئمة الحق وأئمة الباطل قال الله عز وجل:
" يوم ندعوا كل أناس بامامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا " (3) فمن ائتم بالصادقين حشر معهم، ومن ائتم بالمنافقين حشر معهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يحشر المرء مع من أحب، قال إبراهيم عليه السلام: " فمن تبعني فإنه مني " (4).
وأصل الايمان العلم، وقد جعل الله تعالى له أهلا ندب إلى طاعتهم ومسألتهم فقال: " فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " (5) وقال جلت عظمته: " وأتوا البيوت من أبوابها " (6) والبيوت في هذا الموضع اللاتي عظم الله بناءها بقوله " في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " (7) ثم بين معناها لكيلا يظن أهل الجاهلية أنها بيوت مبنية فقال تعالى: " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله " فمن طلب العلم في هذه الجهة أدركه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا مدينة العلم - وفي موضع آخر أنا مدينة الحكمة - وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها.
وكل هذا منصوص في كتابه تعالى إلا أن له أهلا يعلمون تأويله فمن عدل منهم إلى الذين ينتحلون ما ليس لهم، ويتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله [وهو تأويله] بلا برهان ولا دليل ولا هدى هلك وأهلك، وخسرت صفقته وضل سعيه يوم " تبرء الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب " (8) وإنما هو حق وباطل، وإيمان، وكفر، وعلم وجهل، وسعادة