ثم بين محل ولاة أمره من أهل العلم بتأويل كتابه فقال عز وجل: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (1) وعجز كل أحد من الناس عن معرفة تأويل كتابه غيرهم، لأنهم هم الراسخون في العلم المأمونون على تأويل التنزيل قال الله تعالى: " وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم " (2) إلى آخر الآية وقال سبحانه: " بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم " (3).
وطلب العلم أفضل من العبادة، قال الله عز وجل: " إنما يخشى الله من عباده العلماء " (4) وبالعلم استحقوا عند الله اسم الصدق، وسماهم به صادقين، و فرض طاعتهم على جميع العباد بقوله " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (5) فجعلهم أولياءه، وجعل ولايتهم ولايته. وحزبهم حزبه فقال: " ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون " (6) وقال: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (7).
واعلموا رحمكم الله أنما هلكت هذه الأمة وارتدت على أعقابها بعد نبيها صلى الله عليه وآله بركوبها طريق من خلا من الأمم الماضية، والقرون السالفة الذين آثروا عبادة الأوثان على طاعة أولياء الله عز وجل، وتقديمهم من يجهل على من يعلم فعقبها الله تعالى بقوله " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " (8) وقال في الذين استولوا على تراث رسول الله بغير حق من بعد وفاته: " أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن