والدرجات المذكورة في هذا الخبر درجات الفعلية والتحقق، فيمكن أن يكون رجلان في درجة واحدة من القابلية فسعى أحدهما وحصل ما كان قابلا له، والاخر لم يسع وبقي في درجة أسفل منه، فلو كلفه أن يفهم دفعة ما فهمه في أزمنة متطاولة يعسر الامر عليه بل يصير سببا لضلالته وحيرته، فينبغي أن يرفق به، ويكمله تدريجا حتى يبلغ إلى تلك الدرجة كما أن الكاتب الجيد الخط إذا كلف أميا لم يكتب قط أن يكتب مثله في يوم أو شهر أو سنة لكان تكليفا لما لا يطاق، بل يجب أن يرقيه تدريجا حتى يصل إلى مرتبته، وكذا في المراتب العقلية من لم يحصل شيئا منها لا يمكن إفهامه دفعة جميع المسائل الغامضة، ولو ألقيت إليه لتحير، بل لم يطق فهمها وضل عن السبيل، والمعلم الأديب الكامل يرقيه أولا من البديهيات إلى أوائل النظريات، ومنها إلى أوساطها، ومنها إلى غوامضها، فلا ينكسر ولا يتحير.
ويمكن أن تحمل القدرة المذكورة في الخبر السابق على الوسع، أي الامكان بسهولة فلا ينافي المذكور في هذا الخبر ولكن الأول أظهر، وربما يجاب بأنه لما لم يكن معلوما لصاحب الدرجة العليا عدم قابلية صاحب الدرجة السفلى، بل ربما يظن أنه قابل للترقي فهو مأمور بهذا رجاء لتحقق مظنونه ولا يخفى ما فيه.
" فتكسره " أي تكسر إيمانه وتضله، لأنه يرفع يده عما هو فيه، ولا يصل إلى الدرجة الأخرى فيتحير في دينه، أو يكلفه من الطاعات مالا يطيقها فيسوء ظنه بما كان يعمله، فيتركهما جميعا كما مر في الباب السابق " فعليه جبره " أي يجب عليه جبره، وربما لا ينجبر، ويلزمه إصلاح ما أفسد من إيمانه وربما لم يصلح.
6 - الكافي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان عن ابن مسكان، عن سدير قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: إن المؤمنين على منازل منهم على واحدة، ومنهم على اثنتين، ومنهم على ثلاث، ومنهم على أربع، ومنهم على خمس، ومنهم على ست ومنهم على سبع، فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة ثنتين لم يقو، وعلى صاحب الثنتين ثلاثا لم يقو، وعلى صاحب الثلاث أربعا لم يقو