وقال: الخطاف جمعه خطاطيف ويسمى زوار الهند، وهو من الطيور القواطع إلى الناس، يقطع البلاد البعيدة إليهم رغبة في القرب منهم، ثم إنها تبنى بيوتها في أبعد المواضع عن الوصول إليها، وهذا الطائر يعرف عند الناس بعصفور الجنة لأنه زهد فيما بأيديهم من الأقوات فأحبوه، لأنه إنما يتقوت بالبعوض والذباب ومن عجيب أمره أن عينه تقلع وترجع (1) ولا يرى واقفا على شئ يأكله أبدا ولا مجتمعا بانثاه، والخفاش يعاديه، فلذلك إذا أفرخ يجعل في عشه قضبان الكرفس فلا يؤذيه إذا شم رائحته، ولا يفرخ في عش عتيق حتى يطينه بطين جديد، ويبني عشه بناء عجيبا، وذلك أنه يبني الطين مع التبن فإذا لم يجد طينا مهيا ألقى نفسه في الماء ثم يتمرغ في التراب حتى يمتلي جناحاه ويصير شبيها بالطين فإذا هيا عشه جعله على القدر الذي يحتاج إليه هو وأفراخه، ولا يلقي في عشه زبلا بل يلقيه إلى خارج، فإذا كبرت فراخه علمها ذلك، وأصحاب اليرقان يلطخون فراخ الخطاف بالزعفران، فإذا رآها صفرا ظن أن اليرقان أصابها من شدة الحر فيذهب فيأتي بحجر اليرقان من أرض الهند فيطرحه على فراخه، وهو حجر صغير فيه خطوط بين الحمرة والسواد، ويعرف بحجر السنونو فيأخذه المحتال فيعلقه عليه أو يحكه ويشرب من مائه يسيرا فإنه يبرأ بإذن الله تعالى، والخطاف متى سمع صوت الرعد يكاد أن يموت.
وقال أرسطو في كتاب النعوت: الخطاطيف إذا عميت أكلت من شجرة يقال لها عين شمس، فيرد بصرها لما في تلك الشجرة من المنفعة للعين.
وفي رسالة القشيري في آخر باب المجبة: إن خطافا راود خطافة على قبة سليمان عليه السلام فامتنعت منه فقال لها: أتمنعين على ولو شئت لقلبت القبة على سليمان؟
فسمعه سليمان فدعاه وقال: ما حملك على ما قلت؟ فقال: يا نبي الله العشاق لا يؤاخذون بأقوالهم، قال: صدقت.
وذكر الثعلبي وغيره في تفسير سورة النمل أن آدم عليه السلام لما خرج من