أما الآخر فإنه ينزل في دور الناس ويقع على مواضع إقامتهم إذا ارتحلوا عنها وبانوا (1) فلما كان هذا الغراب لا يوجد إلا عند مباينتهم (2) عن منازلهم اشتقوا له هذا الاسم من البينونة.
وقال المقدسي: هو غراب أسود ينوح نوح الحزين المصاب وينعق ببين الخلان والأحباب إذا رأي شملا مجتمعا أنذر بشتاته، وإن شاهد ربعا عامرا بشر بخرابه ودرس عرصاته يعرف النازل والساكن بخراب الدور والمساكن، ويحذر الآكل غصة المآكل ويبشر الراحل بقرب المراحل، ينعق (3) بصوت فيه تحزين كما يصيح المعلن بالتأذين.
وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجة (4) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى المصلي عن نقرة الغراب وافتراش السبع (5).
يريد بنقرة الغراب تخفيف السجود، وأنه لا يمكث فيها إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله.
وروى الدارقطني عن أبي أمامة قال: دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخفيه ليلبسهما فلبس أحدهما ثم جاء غراب فاحتمل الآخر ورمى به فخرجت منه حية، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما (6).
وفي طبع الغراب كله الاستتار عند السفاد، وهو يسفد مواجهة ولا يعود إلى الأنثى بعد ذلك لقلة وفائه، والأنثى تبيض أربع بيضات أو خمسا، وإذا