والكفر هو بذلك المقام أنسب. فيمكن تعميم العروق بحيث تشمل العروق المتحركة النابتة من القلب والساكنة النابتة من الكبد والأعصاب النابتة من الدماغ.
والمراد بالأوصال مفاصل البدن وما يصير سببا لوصولها (1)، فإن بها تتم الحركات المختلفة من القيام والقعود وتحريك الأعضاء.
" وخزانته معدته " لما عرفت أن الغذاء يرد أولا المعدة، فإذا صار كيلوسا نفذ صفوه في العروق الماساريقية إلى الكبد، وبعد تولد الاخلاط فيه إلى سائر البدن لبدل ما يتحلل، فالمعدة والبطن وما احتوى عليه البطن من الأمعاء والكبد [والاخلاط] بمنزلة خزانة الملك، يجمع فيها ثم يفرق إلى سائر البدن.
" وحجابه صدره " لما عرفت أن الله تعالى جعله في الصدر، لأنه أحفظ أجزاء البدن، لأنه فيه محاط بعظام الصدر، وبفقرات الظهر وبالأضلاع، وحجاب القلب بمنزلة غلاف محيط (2) به.
والحجابان اللذان يقسمان الصدر محيطان به أيضا، فهو محجوب بحجب كثيرة كما أن الملك يحتجب بحجب وحجاب كثيرة " لان الملك من وراء حجاب " إذ هو بالمعنى الثاني في القلب، وهو مستور بالحجب كما عرفت، فلا بد له من آلة ظاهرة توصل إليه أحوال الأشياء النافعة والضارة.
وبالمعنى الثالث لما كان إدراكه موقوفا على الأعضاء والآلات ولا يكفي في ذلك الروح الذي في القلب حتى يسري إلى الأعضاء التي هي محل الادراك فيصدق أنه محجوب بالحجب بهذا المعنى.
ثم إن سائر الحواس الخمس من السامعة والشامة والذائقة واللامسة وإن كانت أسوة للباصرة في ذلك، فإن بالسامعة يطلع على الأصوات الهائلة، والأشياء النافعة التي لها صوت فيجلبها، والضارة فيجتنبها، وكذا الشامة تدله على المشمومات